Author

تبقى بقيق

|

الحقد الذي بدا في تناول العدوان الآثم على بعض مواقع التجميع والتكرير في بقيق وخريص، يوازيه الكم الأكبر من التعقل والبصيرة اللذين يستدعيهما الموقف. لن أتطرق للشأن السياسي والعلاقات الدولية والصورة الجديدة، التي تتضح معالمها بعد بقيق، التي حجزت موقعها في التاريخ كنقطة تحول في العلاقات الدولية ستتضح أهميتها مع الوقت.
نقطة تحول لأنها كشفت كثيرا من التناقضات، التي لا يمكن إلا أن نتأملها ونتفهم كل ما فيها حسب مجالات عملنا وعلاقاتنا الفكرية والثقافية. مع هذا كله لا يمكن لمثلي أن يتبنى خلاصة ذاتية، لأن هذا التبني ينقصه كم كبير من المعلومات المهمة. يبقى أن أتحدث عن حقائق شاهدناها، ولا يمكن لأحد أن يغفلها.
أهم هذه الحقائق، هي القدرة الفائقة للتعافي التي تمثلها شركة أرامكو السعودية برجالها، الذين بدأوا التعامل مع نتائج التفجيرات مبكرا، ليسيطروا في البداية على حرائق عديدة طالت مواقع خطيرة، لو لم يكن هؤلاء الأبطال على قدر عال من الكفاءة والقدرة، لاستمرت النيران أسابيع، وقد شاهدنا ذلك في مواقع أخرى أقل تأثرا ومساحة. هذه الكفاءة التي لا بد من الإشادة بها هي روح الشركة، التي تمثل الوطن ويسهم -من خلالها- أبناؤها في تحقيق أفضل معدلات الإنتاج والتصدير بشكل يعلمه الكثير، ويستغربه المتخصصون في المجال. الشركة التي بنيت على الانضباط، لم يكن لها سوى أن تظهر بهذا الشكل الجذاب، فرغم ضحكات واستهزاء من ظهروا في القنوات المغرضة، والمنحازة للباطل من إمكانية التخلص من آثار الضربات المتعددة، أكد مسؤول ياباني أن شحنات النفط، التي تعاقدت عليها بلاده لشهر تشرين الأول (أكتوبر)، تم تصديرها بالفعل من قبل "أرامكو" خلال أربعة أيام من الحادثة.
سيكون للمملكة رد مناسب وتفاعل غير مسبوق مع هذه الحالة، لكن المهم أن الوطن بكل مكوناته مستعد لمقاومة كل محاولات التدمير والخيانة والإساءة له وللعالم، الذي يعتمد عليه كمصدر موثوق لتوفير مادة من أهم احتياجات الصناعة والخدمات فيه.
تبقى بقيق وجارتها خريص أيقونتين تؤكدان بداية النهاية للأنظمة الفاسدة، ومحاولات نشر الإرهاب والإساءة للعلاقات الدولية. تحوِّل هاتان المدينتان اليوم، وعلى مدى الأيام المقبلة مسار الأحداث، لتكون البداية الجديدة من هنا.

إنشرها