default Author

معركة المطر

|

الماء حياة، من دونه تجف الأرض، وتموت الأنفس، لذا حرصت الشعوب منذ فجر التاريخ على موسم المطر، وعملت المستحيل لاستجلابه بواسطة طقوس خاصة يتضرع بها الناس للآلهة، لتمن عليهم السماء بفيضها، تارة بالصلاة والدعاء، وأخرى بالرقص وتقديم القرابين!
قبل نحو ألفي عام لاحظ الفيلسوف والمؤرخ الإغريقي بلوتارك أن الأمطار الغزيرة تسقط بعد انتهاء المعارك الكبيرة، لاعتقادهم أن القوة الإلهية تقوم بغسل وتطهير الأرض الملوثة بالدماء، وتبنى نابليون هذه الفكرة، وكان مقتنعا أن إطلاق المدافع الثقيلة، يسبب حدوث اهتزازات، تؤدي إلى تجمع قطرات الماء في الغيوم، وسقوطها أمطارا في اليوم نفسه أو اليوم الذي يليه.
بعد فهم آلية تكون وسقوط المطر، تمكن العلماء من صناعة المطر، ويعد الأمريكي جيمس إسبي المؤسس الأول لصناعة الأمطار، والمعروف باسم ملك العاصفة. كان إسبي مقتنعا أن هطول الأمطار سببه ارتفاع درجات الحرارة، وليس الضجيج الذي تصدره المدافع، لذا طلب من الحكومة الفيدرالية حرق غابة كاملة لإنتاج حرارة تحفز الغيوم على إنزال المطر، وقوبل طلبه بالرفض!
ليأتي بعده إدوارد باورز الجنرال السابق في الحرب الأهلية الأمريكية، الذي قال إن هطول الأمطار سببه سلاح المدفعية، وطلب باورز من الكونجرس الأمريكي دعم تجربته، وبالفعل حشدت له المدافع والطائرات الحاملة للمتفجرات والمناطيد المملوءة بمزيج قابل للاشتعال، ليتم توجيه 60 مدفع هاون نحو السماء وتفجيرها، ولم تنجح أصوات المدافع المدوية في إسقاط المطر، وكانت حربا خاسرة مع السماء التي أبت أن تجود عليهم بالمطر!
ونتيجة لخوف ملك حبوب الإفطار تشارلز بوست من خسارة تجارته لشح المطر في تكساس قرر صناعة المطر بنفسه بناء على علاقة المعارك بالمطر، وبالفعل قام بواحدة من أكثر التجارب إثارة بإطلاقه طائرة ورقية محملة بالديناميت، وتفجيرها فوق مرتفعات كابروك العالية، نجحت العملية نجاحا مبهرا بسقوط الأمطار على أراضي تكساس القاحلة، تبعتها 13 عملية ناجحة!
لتأتي بعدها فكرة مدافع البرد، لمنع تكون العواصف الثلجية، وتحويلها إلى قطرات مطر، ورغم تفاوت نتائجها إلا أنها ما زالت تستخدم!
أما تشارلز هاتفيلد الذي يعد أشهر صانعي المطر بعد أن تمكن من خلط 23 مادة كيميائية تنتج دخان وأبخرة تلامس السماء فيهطل المطر، وانتهت نجاحاته بتسبب أمطاره في فيضان سان دييجو المدمر!
واليوم تستخدم 40 دولة تقنيات استمطار متطورة لمحاربة الجفاف والاحتباس الحراري وتبقى قدرة الله فوق كل شي، فهو الذي إن شاء فتح السماء أو منع عنا القطر.

إنشرها