FINANCIAL TIMES

تراجع صناعة السيارات يكشف تعاظم معاناة العاملين الهنود

تراجع صناعة السيارات يكشف تعاظم معاناة العاملين الهنود

كان الوقت منتصف النهار في لايبور تشوك عند دوار مروري في قرية مانيسار التي تعد مركزا لتصنيع السيارات في الهند، وموطنا لمئات الرجال العاطلين عن العمل، الذين يتجولون في الشوارع تحت أشعة الشمس الحارقة، على أمل أن يختارهم أحد ليوم عمل مدفوع الأجر.
لايبور تشوك مكان رئيس لتوظيف العمال باليومية، وعادة ما يكون أولئك العمال ضمن الأكثر فقرا في قوة العمل، والأقل مهارة.
كما أن أعدادهم تتضخم الآن بسبب انضمام مزيد من الأشخاص الذين فقدوا وظائف بدوام كامل في قطاع السيارات المنكوب بالأزمة.
تم تسريح كريشنا كومار (32 عاما) وهو مهاجر من ولاية أوتار براديش الريفية، يوم 7 آب (أغسطس) الماضي، من وظيفته في شركة مكونات تصنع الفرامل التابعة لـ"ماروتي سوزوكي"، أكبر مصنع سيارات في البلاد.
بعد أن فقد راتبه الشهري: (12 ألف روبية)، بات يعيش الآن على الائتمان من متجر البقالة المحلي، وقدر من المال الذي يحصل عليه من والديه.
كومار، أب لطفلين صغيرين، قال: "آتي إلى هنا كل يوم وأنتظر فرصة العمل. سأنتظر لمدة شهر أو شهرين، وإذا لم أحصل على وظيفة، سأعود إلى موطني (أوتار براديش). حتى الآن، ليس لدي أمل" في الحصول على عمل دائم.
ويشارك كومار في قلقه الملايين من العمال الآخرين وصناع القرار والمستثمرين، الذين ينتظرون معرفة ما إذا كان قطاع السيارات سينتعش مرة أخرى بعد خمسة أشهر متتالية من تقلصات المبيعات من رقمين بما في ذلك انخفاض 41 في المائة على أساس سنوي في آب (أغسطس) الماضي.
يقول اقتصاديون إن انهيار مبيعات السيارات يعكس الصعوبات العميقة التي يعانيها الاقتصاد الهندي، بعد ثلاث صدمات متتالية بدأت بالحظر النقدي الذي فرضه ناريندرا مودي رئيس الوزراء عام 2016، ثم اعتماد نظام ضريبة القيمة المضافة الجديد عام 2017، وأخيرا مشكلات القطاع المالي في العام الماضي، ما دفع إلى التعجيل بانهيار مقرض ذو تصنيف عال.
في أعقاب هذه الاضطرابات اشتد ضعف الطلب على السلع الاستهلاكية -أحد محركات النمو الرئيسة للاقتصاد خلال العقد الماضي- إلى حد كبير، ولا سيما بالنسبة إلى سوق السلع الثمينة والمعمرة، مثل السيارات وأجهزة التلفزيون وغسالات الملابس والمنازل.
سوراب موخرجي، الرئيس التنفيذي ومؤسس "مارسيلوس إنفيسمينت مانجرز" قال إن: "هذا النوع من التراجع في الطلب على السيارات أمر غير معتاد أبدا في اقتصاد متسارع النمو. السيارات هي رمز طموح كلاسيكي، وحقيقة أن هذا النوع من الإنفاق الطموحي قد أصبح ثانويا أكبر دليل على مدى عمق الضائقة. لقد سدد ذلك عدة ضربات إلى الاقتصاد".
والسؤال الآن هو ما إذا كان طلب المستهلكين سينتعش في الأشهر القليلة المقبلة أم سيظل بطيئا؟، ما سيؤدي إلى تباطؤ أوسع نطاقا.
سونيل كومار سينها، كبير الاقتصاديين في "إنديا ريتنجز" قال: "لقد أدى تدمير الطلب الذي حدث على مدار ثلاثة أعوام، إلى تأرجح قطاع السيارات. يتم الآن الاستغناء عن موظفي قطاع السيارات ذاتهم، ما سيزيد من قوة الضغط على الاقتصاد".
هذه المشكلات في قطاع السيارات لها تداعيات ضخمة محتملة.
وفقا لدراسة أجريت عام 2015، تمثل صناعة السيارات ما يقدر بنحو 7.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للهند، و49 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصناعة، كما أنها مصدر رئيس للتوظيف في اقتصاد يعاني نقصا مزمنا في الوظائف.
توظف مصانع السيارات نحو 300 ألف شخص في الهند، وتوظف شركات صناعة المكونات في المقابل نحو خمسة ملايين، بينما توظف وكالات السيارات ثلاثة ملايين شخص آخر.
في المجموع، تقدر العمالة المباشرة وغير المباشرة في قطاع السيارات -بما في ذلك سائقو الشاحنات الذين ينقلون السيارات في جميع أنحاء البلاد- بنحو 37 مليون شخص.
وفقا لتقديرات جمعية مصنعي السيارات الهنود، تم تسريح ما لا يقل عن 350 ألف شخص يعملون مباشرة في قطاع السيارات حتى أوائل تموز (يوليو)، علاوة على نسبة كبيرة من العمال الذين تم تسريحهم خلال الشهرين الماضيين، نتيجة لتباطؤ المبيعات.
حتى الذين احتفظوا بوظائفهم تعرضوا لتخفيضات كبيرة في صافي رواتبهم، إذ ألغت الشركات ساعات العمل الإضافية، التي كانت تمثل في السابق جزءا كبيرا من دخل العمال.
جايا تريديفي (26 عاما) التي يعمل زوجها في شركة تعمل على تزويد شركة هوندا بالمكونات قالت: "قالو لنا لا تأتينا طلبات شراء، ولا يوجد عمل كاف ولا عمل إضافي".
مع انخفاض ساعات العمل اليومية من 12 ساعة إلى ثماني ساعات، انخفضت الأرباح الشهرية للعائلة بنحو خمسة آلاف روبية لتنحدر إلى 12 ألف روبية.
ذلك الوضع ضغط كثيرا على ميزانية أسرتها.
وأضافت: "لم يكن علي التفكير في الإنفاق على الحاجات الأساسية من قبل، إلا أنه بات علي الآن أن أفكر في ذلك، مليا. الكل يريد حياة طيبة، لكن من أجل أن تحصل على الحياة الجيدة، تحتاج إلى المال" فأين هو؟
يشعر ماهيبال ياداف الذي يملك متجر بقالة ومجمعا سكنيا يحتوي على 232 غرفة لعمال السيارات وعائلاتهم، بالتأثير أيضا -10 من وحداته السكينة باتت فارغة لأول مرة الآن، منذ أن بنى المجمع قبل ثمانية أعوام.
وقال: "في وقت سابق، كان العمال يحصلون على كثير من العمل الإضافي، وكانوا ينفقون أكثر من الآن بكثير. الآن بالكاد يحصلون على ما يكفي من المال للعيش".
لنعد إلى لايبور تشوك، حيث جوتام كومار، البالغ من العمر 26 عاما، وهو أب لثلاثة أطفال، ومتشائم للغاية. بعد أن تم تسريحه من شركة لصناعة المكونات قبل خمسة أشهر، أرسل زوجته وأطفاله إلى قريته في بيهار وهو يعيش على المبالغ التي يرسلها إليه والده شهريا وفي المقابل يعمل مدرسا في القرية.
وقال: "كل يوم، يعود ما بين عشرة أشخاص و20 شخصا من دائرتنا إلى موطنهم. أنا أنتظر هنا فقط على أمل أن أجد فرصة عمل، لأنه لا ربح يذكر من امتهان الزراعة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES