Author

نمو الطلب .. الأضعف خلال عقد تقريبا

|

لا يزال نمو الطلب العالمي على النفط يشهد تخفيضات من وكالات ومنظمات الطاقة الرئيسة، حيث شهدنا أخيرا عديدا من التنقيحات الهبوطية.
في هذا الجانب، قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها عن توقعات الطاقة على المدى القصير إنها تتوقع نمو الطلب على النفط هذا العام بمقدار 0.9 مليون برميل في اليوم فقط، هذا التخفيض هو الأحدث في سلسلة من التخفيضات التي قامت بها الإدارة في الأشهر الأخيرة. ففي تموز (يوليو)، قالت الإدارة إن الطلب في 2019 سينمو بنسبة 1.1 مليون برميل في اليوم، وفي حزيران (يونيو) توقعت نموا بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم. لقد بدأت الإدارة هذا العام توقعاتها بأن ينمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم.
النقطة المهمة ليست فقط إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي قامت بالتخفيض، فقد تم إجبار جميع الوكالات الرئيسة على خفض توقعاتها لنمو الطلب بشكل كبير؛ حيث إن الاقتصاد العالمي تباطأ بأكثر من المتوقع. إذا تحقق توقع الإدارة الحالية بنمو الطلب بواقع 890 ألف برميل يوميا، فستكون هذه هي المرة الأولى منذ عام 2011 التي ينمو فيها الطلب على النفط بأقل من مليون برميل يوميا.
في هذا الجانب أيضا، خفضت منظمة أوبك توقعاتها إلى نحو مليون برميل في اليوم في تقريرها الأخير، بانخفاض 80 ألف برميل في اليوم عن الشهر الماضي، مشيرة إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي. وقالت "أوبك" في تقريرها "هذا يسلط الضوء على المسؤولية المشتركة لجميع الدول المنتجة لدعم استقرار أسواق النفط لتجنب التقلبات غير المرغوب فيها والانتكاس المحتمل في اختلال الأسواق". في الوقت نفسه ارتفع إنتاج "أوبك" بمقدار 136 ألف برميل يوميا في آب (أغسطس) مقارنة بالشهر السابق، مدفوعا بزيادة كبيرة في إنتاج السعودية.
بالفعل تعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أكبر عقبة أمام النمو الاقتصادي العالمي. على سبيل المثال، انخفضت مبيعات السيارات في الصين بنحو 13 في المائة في النصف الأول من العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018. انخفضت مبيعات السيارات الآن في 14 من أصل الـ15 شهرا الماضية. كما انخفضت مبيعات السيارات في الهند أخيرا، حيث انخفضت بنسبة 41 في المائة في آب (أغسطس) عن العام السابق.
ودعمت تقارير جولدمان ساكس أيضا توقعات ضعف الطلب، حيث ذكرت أخيرا "لقد خرجنا من اجتماعات مع مستهلكي الطاقة في الصين أخيرا بثقة أكبر بأنه من المحتمل أن نشهد تباطؤا في نمو الطلب على النفط في الصين عام 2020 مقابل 2019. لقد كان هناك اتجاه صعودي ضعيف في اجتماعات هذا العام، على عكس الاجتماعات في مؤتمر العام الماضي". حيث لم تكن الشركات والمستثمرون متفائلين على نطاق واسع بأننا سنرى حلا للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في فترة 6 - 12 شهرا المقبلة. وأضاف البنك الاستثماري أن هناك مخاطر سلبية على توقعات الطلب بسبب احتمالات التباطؤ الاقتصادي. يتوقع جولدمان أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 60 دولارا للبرميل فقط عام 2020.
ببساطة يرى معظم المحللين أنه لا يوجد محرك قوي للنمو في السوق، حيث إن الاقتصادات الكبيرة مقيدة بسبب عدم اليقين الجيوسياسي "الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، بينما تتعامل الاقتصادات الناشئة (النامية) مع هذا الأمر وبأسعار مرتفعة نسبيا.
لكن من ناحية أخرى، حافظت وكالة الطاقة الدولية على تقديراتها لنمو الطلب لعام 2019 عند 1.1 مليون برميل في اليوم، على الرغم من أن بياناتها لشهر حزيران (يونيو) تظهر أن الطلب زاد على أساس سنوي بأقل من 0.2 مليون برميل في اليوم. خلال النصف الثاني من عام 2019، حافظت الوكالة على وجهة نظر مفادها أن مع انخفاض أسعار النفط حاليا بنسبة 20 في المائة تقريبا عن العام الماضي، سيكون هناك دعم للمستهلكين لزيادة الطلب. تشير البيانات الأولية لشهر تموز (يوليو) إلى أن الطلب العالمي قد ارتفع بنسبة 1.3 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي.
من ناحية العرض تؤدي أسعار النفط المنخفضة إلى تراجع نشاط عمليات الحفر والتطوير، ما يؤدي إلى تباطؤ نمو الإنتاج وارتفاع أسعار النفط من جديد. لكن في الوقت الحالي أثرت تخفيضات الإنفاق في النشاط في تشكيلات النفط الصخري، لدرجة أن صناعة الخدمات النفطية تتجه نحو الركود والانكماش المباشر، وفقا لمصادر الصناعة هناك.
لذلك يقول المحللون إن تخفيضات "أوبك" وحلفائها ستكون ضرورية حتى عام 2020، وفقط في عام 2021 ستبدأ الأسواق في التشديد. بحلول ذلك الوقت، ستبدأ الأسواق تعاني تلكؤ المشاريع ذات دورة التطوير الطويلة التي ألغي معظمها بعد الكساد النفطي بين 2014 و2016. في غضون أعوام قليلة، من المتوقع أن تؤدي ندرة المشاريع الجديدة إلى انخفاض العرض الجديد. كما يتوقع البعض أن يشهد نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة تباطؤا، ما يزيل مصدرا مهما لنمو المعروض الذي ميز أسواق النفط خلال العقد الماضي.
في الوقت الحالي، هناك بعض الدلائل على أن الولايات المتحدة والصين تسعيان إلى التوصل إلى اتفاق. حيث قالت الصين إنها ستعفي بعض المنتجات من التعريفة المقررة لها، وهي مبادرة صغيرة من جانبها تهدف إلى نزع فتيل التوترات. وتأتي هذه الخطوة قبل اجتماع مخطط له بين الجانبين في تشرين الأول (أكتوبر). ليس من الواضح ما الذي يمكن أن ينجم عن هذه الخطوة، ولكن من المتصور أن تستجيب الولايات المتحدة بشيء أيضا، وربما تأخير التعريفة الجمركية المقررة، وهو بالفعل ما تدرسه الآن.
ومع ذلك، لا يزال الانفراج التجاري الكبير بعيد المنال. في غضون ذلك، لا تزال أيضا أسعار النفط ضعيفة.

إنشرها