Author

هل يمكن نمو الإيرادات غير النفطية والاقتصاد معا؟ «10»

|


تجنبا للتعقيد، لنقل إن لرفع الكفاءة وتحسين الإنتاجية ثلاثة أطراف أساسية: الجهاز الحكومي، القطاع الخاص، والمواطن والمقيم. فكيف نرفع كفاءة المكونات الثلاثة بما يؤدي إلى تنشيط حركة الاقتصاد، وبالتالي إلى ازدهاره؟ فيما يتصل بالجانب الحكومي هناك برنامج لرفع كفاءة الإنفاق، كما أن برنامج تحقيق التوازن المالي شمل مكونات عدة، منها تنويع إيرادات الخزانة، بما في ذلك تنمية الإيرادات غير النفطية، التي حققت نتائج سبقت الإشارة إليها، كما سبقت الإشارة إلى أن المستهدف لعام 2030 أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى تريليون ريال سنويا، أي نحو أربعة أضعاف ما هي عليه اليوم.
وإذا علمنا أن الإنفاق الحكومي هو القاطرة الرئيسة للاقتصاد الوطني، ندرك أن الهدف من تنمية الإيرادات هو إعادة توجيهها بما يؤدي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد، ليتحول من الريع إلى الإنتاج. وستجد من يقول إن مصدر الإيرادات غير النفطية هو ضرائب ورسوم، وهي كذلك إلى الحد البعيد، إضافة إلى دخل من الاستثمارات الحكومية. ولا بد هنا من التذكير بأن المصدر الرئيس لدخل الحكومات هو الضرائب والرسوم، فالحكومات ليست منظومات إنتاجية بل منظومات خدمية. وليس متصورا أن يستطيع القطاع الخاص ممارسة دور قيادي في الاقتصاد السعودي إلا بعد أن يعيد "اختراع" نفسه من جديد؛ ارتكازا على الإنتاجية والمقدرة التنافسية، وبعيدا عن الإعانات والدعم، وهذا مطلب ليس يسيرا تحقيقه في القريب، وهذا يعني تحديدا أن يطلق القطاع الخاص - ممثلا في مجلس الغرف السعودية والغرف التجارية المكونة له - برنامجا وطنيا لتطوير إنتاجية منشآت القطاع الخاص، على ألا يكون سلسلة من المحاضرات والبروشورات وورش العمل، بل أن يدخل في كل منشأة صناعية وخدمية ويشخص إنتاجيتها، ويقترح عليها لتعديل وضعها. سيكلف هذا البرنامج مليارات من الريالات وسيستغرق أعواما من العمل الدؤوب الذي لن ينتهي أبدا، لكن سيعالج المشكلة. أهمية هذا البرنامج مُلّحة، وليس له من راع إلا منظومة القطاع الخاص، وهذا لا يعني ألا يحصل البرنامج على دعم حكومي من خلال برنامج تحفيز القطاع الخاص، لكنه يعني أن يمارس القطاع الخاص دورا قياديا ومبادرا للتعامل مع التحدي الأساس أمامه، وهو تدني الإنتاجية، وبالتالي تراجع القدرة التنافسية.

إنشرها