FINANCIAL TIMES

هل ارتكب جونسون سابقة عظمى تضلل الملكة إليزابيث؟

هل ارتكب جونسون 
سابقة عظمى تضلل 
الملكة إليزابيث؟

الحكم الصادر من أعلى محكمة في اسكتلندا برفض تعليق عمل البرلمان البريطاني من قبل رئيس الوزراء بوريس جونسون هذا الشهر، باعتبار أنه قرار غير قانوني كان بلا شك أمرا محرجا لرئيس الوزراء المحافظ.
على أن ما يجعل الحكم خطيرا هو أنه يمكن أن يضع جونسون في دائرة مواجهة تهمة تضليل الملكة إليزابيث الثانية.
بموجب الاتفاقات الدستورية في بريطانيا، فإن تعطيل أو تعليق عمل البرلمان هو سلطة امتياز ملكية تمارسها الملكة وحدها من خلال نصيحة رئيس الوزراء.
عندما تعلق الملكة البرلمان فإنها تفعل ذلك بناء على نصيحة رئيس الوزراء، إذ لا يمكنها طلب أي مشورة حينها، سواء قانونية أو غيرها، من أي فرد آخر أو جهة أخرى.
السبب الذي أعلنه جونسون وراء سعيه للتعطيل الطويل بشكل غير مألوف هو الاستعداد لإعادة فتح البرلمان في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، مستهلا بـ"خطاب العرش" الذي تقرأ فيه الملكة جدول الأعمال التشريعي باسم الحكومة، في الدورة الجديدة.
بيد أن المحكمة المدنية الاسكتلندية العليا اتفقت في الحكم الذي أصدرته مع مجموعة من المشرعين الذين رفعوا دعوى رافضة لطلب جونسون مشيرين إلى أن السبب الحقيقي وراء قراره، هو رغبة رئيس الوزراء المحافظ في إيقاف النقاش في البرلمان بشأن سياساته المتعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وإصراره على تحقيق ذلك باتفاق أو دونه، بحلول 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
حكم محكمة أدنبرة يوم الأربعاء الماضي أن نصيحة جونسون للملكة "كانت غير قانونية، وبالتالي فهي باطلة ولا تأثير لها".
قالت كاثرين هادون، واحدة من كبار الأعضاء في مركز أبحاث معهد الحكم Institute for Government: "تسبب هذا في إحراج كبير للملكة وقصر باكنجهام.
قرار المحكمة أن النصيحة المقدمة للملكة كانت غير قانونية، حتى إذا تم رفض ذلك الحكم لاحقا من قبل المحكمة العليا في لندن يفتح الباب أمام تساؤلات حول كيف ينبغي تقديم هكذا نصيحة، مع وجوب الوثوق بالرقم 10" أي 10 داونينج ستريت، وهو المقر الرسمي لرئيس الوزراء البريطاني.
يأمل جونسون أن تبطل المحكمة العليا في المملكة المتحدة القرار الاسكتلندي، الذي سيتم النظر فيه الأسبوع المقبل.
إما إذا أعلنت المحكمة العليا أن التعليق غير قانوني مؤيدة بذلك قرار المحكمة في اسكتلندا، فإن رئيس الوزراء حتى لو التزم بقرارها سيتعرض لضغط سياسي كبير، من البرلمان والرأي العام.
قال دومينيك جريف وهو محام عام سابق من حزب المحافظين، لـ"بي بي سي": "من الأساسي للغاية في دستورنا غير المكتوب أن تكون العلاقة بين رئيس الوزراء والملكة سامية في أقصى درجات الثقة وحسن النية".
أضاف جريف، الذي كان ضمن الـ21 نائبا من حزب المحافظين المتمردين، الذين رفعت عنهم "انضباطية" الحزب الأسبوع الماضي، بسبب أنهم حادوا عن الموقف الموحد للحزب حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: إذا ثبت أن الأمر تضليل الحكومة للملكة بشأن أسباب تعليق البرلمان، فإن: "وجهة نظري هي أن الوقت سيكون مناسبا لأن يقدم بوريس جونسون استقالته، بأسرع ما يمكن".
من المحتمل أن تكون ساحة المعركة القانونية في قلب معركة المحكمة العليا الأسبوع المقبل، هي مسألة إمكانية المقاضاة ما إذا كان بإمكان المحاكم مراجعة نصيحة رئيس الوزراء للملكة؛ أو ما إذا كان ذلك يقع في "منطقة محظورة" من السياسة العليا، إذ لا تقحم المحاكم نفسها فيها وفقا لدستور المملكة المتحدة غير المكتوب، والمقنن جزئيا (بعض من أجزاء الدستور مكتوبة).
سبق للمحكمة العليا في لندن أن بينت الأربعاء الماضي، في قرار مفصل من 24 صفحة، أن قرار جونسون كان سياسيا، و"ليس مسألة تخص المحاكم".
ومع ذلك، لم يكن هذا هو الموقف الذي اتخذته المحكمة الاسكتلندية، فقد قضت الأخيرة بأن من الممكن للمحاكم أن تراجع هذه النصيحة -نصيحة رئيس الوزراء إلى الملكة- وأن "لها صلاحية إصدار حكم ما إذا كانت أي سلطة، بموجب الصلاحيات أو غير ذلك، قد تمت ممارستها بصورة قانونية".
يعتقد المحامون أن قرار المحكمة الاسكتلندية قد يتم نقضه من قبل المحكمة العليا الأسبوع المقبل.
قال ريتشارد إكنز، أستاذ القانون في جامعة أوكسفورد ورئيس مشروع السلطة القضائية في "بوليسي إكسشينج"، فيما يتعلق بالقرار الاسكتلندي: "أعتقد أنه قرار مفاجئ، وأن المحكمة الاسكتلندية كانت مخطئة. أظن أن المحكمة العليا ستنقضه. وأعتقد أن من المقلق أن تحاول المحكمة الاسكتلندية تطبيق مبادئ عامة جدا للحكم الرشيد، لا ينبغي أن تكون عرضة للمقاضاة".
على أن ديفيد موندي، وهو شريك ووكيل برلماني في "بي دي بي بيتمانز" قال إنه يعتقد أن المحكمة العليا في لندن، من المرجح أن تؤيد قرار محكمة اسكتلندا.
سيتعين حينها التوفيق بين الأساليب المختلفة التي تتبعها المحكمتان.
وأضاف: "إذا أيدت المحكمة العليا الحكم الاسكتلندي، فسنصبح في منطقة غير عادية"، مشيرا إلى أنها: "المرة الأولى التي يتم فيها فحص تصرف الملكة بهذه الطريقة".
ومع ذلك، أشار آخرون إلى أن الأمر أقل وضوحا.
قال البروفيسور بول كريج، أستاذ القانون الإنجليزي في جامعة أكسفورد، والخبير في مجال القانون الدستوري، في منشور له ضمن مدونة هذا الأسبوع: سيكون من الخطأ افتراض عدم "أحقية" المحاكم في التدخل في قضية تعطيل البرلمان، لأن الإيقاف يندرج ضمن السياسة العليا والسياسات بمعناها الحزبي.
وقد كتب في ذلك الصدد ما يلي: "لا يوجد شيء غريب حول سلطة تقديرية يمكن استخدامها لغرض غير لائق. تبت المحاكم في هذه القضايا ضمن المراجعات القضائية طوال الوقت. إن تطبيق المبادئ الراسخة للمراجعة القضائية، فيما يتعلق بمدى ملاءمة الغرض، ليس بالأمر الصعب في هذه الحالة".
لم تقدم المحاكم الاسكتلندية بعد أسبابا مفصلة لقرارها. على أن قضاة المحكمة العليا يوم الأربعاء الماضي كانوا واضحين في الموقف من أن إيقاف البرلمان: "ليس مسألة تخص المحاكم" حتى لو استخدمته الحكومة لكسب مصلحة سياسية.
وأشارت إلى أن "سابقة" إيقاف البرلمان قد استخدمت عام 1948 لتسهيل التمرير السريع لقانون البرلمان عام 1949.
على أنه عند توجيه السؤال إلى قصر باكنجهام -مقر الملكة- جاء الرد على حكم القضاء الاسكتلندي وجيزا: "الأمر كله يتعلق بالرقم 10" في إشارة إلى 10 داونينج ستريت، أي مقر رئيس الوزراء البريطاني.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES