ثقافة وفنون

كيف ستكون الثقافة في الـ 50 عاما المقبلة؟

كيف ستكون الثقافة في الـ 50 عاما المقبلة؟

كيف ستكون الثقافة في الـ 50 عاما المقبلة؟

تثبت الثقافة والفنون يوما تلو الآخر قوتها على الابتكار والتجديد، لإيجاد عالم أكثر شمولية وإبداعا واستدامة، كونها عنصرا استراتيجيا وأساسا للتنمية.
"الاقتصادية" تتجول بين مجموعة من الكتب والمقالات التي تكشف جوانب مهمة من مصير الثقافة خلال الـ50 عاما المقبلة، التي تبدو فرضيات قابلة للتحقق في بعضها، منها فرضيات متفائلة تتوقع بقاء الورق، وأخرى تبدو متشائمة، تكشف إحداها الاستغناء عن الجامعات، أو الاعتماد على الممثلين الافتراضيين والروبوت كصحافي.

اختفاء 95 % من جامعات العالم
ديفيد جيليرنتر العالم وأستاذ علم الكمبيوتر، في كتاب "الخمسون سنة المقبلة"، الذي يستشرف آفاق المستقبل خلال نصف القرن المقبل، عبر رؤى ونظريات طرحها نخبة من العلماء في مختلف العلوم، كتب نظرته إلى المستقبل، التي يمكن وصفها بـ "التفاؤلية"، إذ يقول "بعد 50 عاما من الآن، سنظل نقرأ الكتب المطبوعة على ورق، ونطالع الزيتيات المرسومة على القماش، ولو كنت من المحظوظين الذين يستمعون إلى موسيقى بيتهوفن اليوم، فستظل تفعل الشيء نفسه، إذا قدر لك أن تعيش، بعد 50 عاما من الآن".
ويقول الكاتب "إن المكاسب الملموسة دائما ما تتفوق على المكاسب غير الملموسة، لا يتفوق الكتاب على شاشة الكمبيوتر لأسباب عاطفية، أو لأن الكتاب شيء أنيق وجميل، على الرغم من أنه كذلك فعلا؛ لكنه يتفوق عليها لمزاياه العملية، فهو بطبيعته أسهل في الحمل والتصفح وتقليب الصفحات والكتابة عليه وقراءته من أي شاشة".
وحول التعليم، يتساءل: "ما الذي تقدمه الجامعة لتبرير وجودها، إذا كان بوسعك دراسة كل المقررات التي تفضلها عبر الإنترنت؟ الجامعات منخرطة في بيع غير الملموسات، فهي تتيح خبرة الحرم الجامعي غير الملموسة التي تضعك وجها لوجه أمام مدرسيك وزملائك الطلاب "وهو الأهم" والحرم الجامعي ذاته، وبالتالي فإن 95 في المائة من جامعات العالم ستختفي في غضون 50 عاما، ستبقى الجامعات الكبرى؛ لأنها تبيع شيئا ملموسا هو المكانة الاجتماعية، التي تترجم إلى وظائف ومال".
ممثل افتراضي
يتوقع موقع يانج إنتربرونور كاونسيل أو "مجلس أصحاب الأعمال الشباب" اعتماد العالم خلال الأعوام المقبلة على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، واستثمار الشركات في تطوير ممثلين افتراضيين شبيهين بالبشر، يعملون بالذكاء الاصطناعي، وقد تجلى ذلك في فيلم "سيم ون" أو "سيمون" الذي أنتج في عام 2002، واستخدم فيه المخرج السينمائي فيكتور تارانسكي "يلعب دوره آل باتشينو" برنامجا قادرا على ابتكار شخصيات على الكمبيوتر، لا فرق بينها وبين الشخصيات الحقيقية، وهو برنامج طوره مبرمج لامع وأهداه إلى المخرج قبل وفاته، ليحقق نجاحا كبيرا.
تحقيقا للنظرية ذاتها، يعكف إلتون جون نجم البوب البريطاني على ابتكار جولات افتراضية، بعدما قرر التوقف عن جولاته الغنائية، ليصبح بإمكان الجمهور بعدها مشاهدة إلتون جون من خلال نظارة الواقع الافتراضي، التي تؤدي أغاني جديدة بصوت إلتون، يؤلفها الذكاء الاصطناعي.
ومن التمثيل إلى الموسيقى، تمكن مبرمجون في شركة "ياندكس" الروسية للبرمجيات من تطوير منظومة ذكاء اصطناعي خاصة تعتمد على آليات معقدة من العمليات الحسابية والخوارزميات الرياضية الدقيقة، قادرة على فهم وقراءة المقاطع الموسيقية التي ألفها أشهر الموسيقيين العالميين، وتأليف مقاطع موسيقية مشابهة لها، بعد أن غُذِّيَتْ بأكثر من 600 ساعة موسيقية، بل إنها تمكنت من إكمال السيمفونية الثامنة غير المنتهية للمؤلف النمساوي فرانز شوبرت، الذي توفي شابا في بداية عقده الثالث، حيث تعود السيمفونية إلى عام 1822، وتمكنت شركة هواوي الصينية بمساعدة موزع موسيقي أمريكي من إكمال الجزء المتبقي.

دور مبتكر للمكتبات
عبدالقادر الكاملي مستشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كتب مقالا في مجلة "إنتربرونور العربية"، قال فيه "إن الأيام التي كانت فيها المكتبات موجودة فقط لغرض استعارة الكتب أو تقديم مكان هادئ للدراسة ولت، ومثلما هي الحال مع الأماكن التعليمية الأخرى، تتطور المكتبات العامة ويتغير دورها التقليدي، لقد تخلى عديد من المكتبات في البلدان المتقدمة عما كان يشكل القاعدة الأساسية فيها: الصمت، وقد استُبدِل ذلك ببيئات تعليمية أكثر تعاونية وأمكنة للتصنيع، والتصاميم المبتكرة، كما توافرت فيها التكنولوجيات الناشئة التي يمكن للزوار استخدامها كالطابعات ثلاثية الأبعاد، وقد زودت المكتبات بالكتب الإلكترونية، التي يتوقع أن تحل في نهاية المطاف مكان الكتب المطبوعة القديمة.
وأضاف الكاملي "يمكن تلخيص الأدوار الجديدة للمكتبات في كونها حاضنات للأفكار والتعلم والابتكار، وتُنَظَّمُ فيها ورشات العمل والتدريب على التكنولوجيات الحديثة، ودعم التعليم المهني وتطوير مهارات القوى العاملة، ودعم البحث عن عمل، إضافة إلى دورها التقليدي في تعزيز القراءة والثقافة، ولتحقيق ذلك بدأ عديد من المكتبات العمل على تغيير تصميمه الداخلي".

الروبوت صحافيا
في 12 مارس 2014 نجحت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" في تحقيق سبق صحافي بعد ثلاث دقائق فقط على ضرب زلزال لولاية كاليفورنيا الأمريكية، إذ قدم الروبوت الذي ابتكره الصحافي والمبرمج كين شوينكي قصة خبرية متكاملة عن الزلزال من خلال مصادر معلومات موثوقة، منها الهيئة الأمريكية للمسح الجيولوجي التي تُعد قوالب جاهزة تساعد الروبوت على إنتاج الأخبار بصورتها النهائية.
الروبوت الصحافي أصبح تقنية جديدة منافسا للعنصر البشري، ليس في جمع المعلومات والبيانات فقط، إنما في صياغتها بطريقة السرد الإخباري، وإنتاج قصص أكثر تعاطفا وتقارير اقتصادية، وهو ما فعله روبوت صحيفة "واشنطن بوست" عام 2016، حيث استعانت بروبوتها "هليوجراف" في كتابة تقارير قصيرة خاصة بمدونة الصحيفة بشكل أتوماتيكي، وكشفت أن استخدامها له للمرة الأولى كان خلال دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في مدينة ريو دي جانيرو، حيث عمل الروبوت على توفير بعض المعلومات كنتائج الميداليات، وخلال عام من استخدامه استطاع الروبوت نشر 850 صورة، وساعد الصحافيين على تغطية بعض الأخبار المتعلقة بالكونجرس الأمريكي وألعاب كرة القدم، عبر توفير النتائج أولا بأول، فهل يحل الروبوت محل الصحافي خلال الـ50 عاما المقبلة؟
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون