Author

سياسة الرياض النفطية واضحة لا تتغير

|


المملكة دائما تنتهج سياسة متزنة وواضحة في عالم النفط وإنتاجه وأسواقه، وتنسق على الصعيد الدولي للحفاظ على تدفق النفط بشكل متوازن ومسار متسق. وتبذل السعودية جهودا حثيثة مع الدول المعنية والمنتجة للنفط لتصحيح أي مسار مطلوب في هذا الاتجاه، وهو ليس دورا غريبا أو جديدا عليها، حيث لها جهود كبيرة ومقدرة في ذلك، حتى وصلت الأسواق إلى ما هي عليه الآن من استقرار، الأمر الذي سيساعدها - دون شك - على تطبيق سياسة واضحة، أعلنها الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في أول تصريحات له منذ تعيينه وزيرا للطاقة، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر الطاقة العالمي الـ24 الذي تعقد أعماله في مدينة أبوظبي في الإمارات.
وبشأن موقف السعودية من تخفيض الإنتاج، أكد أن مرتكزات السياسة السعودية واضحة بشأن النفط ومحددة ولن تتغير، وبذلك أزال الضبابية عن مثل هذه الموضوعات المهمة، خاصة أن العالم ينظر من كثب إلى القرارات التي تتخذها المملكة وقدرتها على التأثير في الأسعار. والأمر كذلك، فإن مرتكزات السياسة السعودية بشأن النفط هي دائما في مصلحة الأسواق والتوازن العام، فإذا كانت الأسواق بحاجة إلى زيادة الإنتاج، فإن المملكة تعمل في هذا الاتجاه، وإذا كان من مصلحة الجميع تخفيض الإنتاج، فإنها تضع ثقلها خلف ذلك.
لهذا، جاءت تصريحات الأمير عبدالعزيز بن سلمان، قاطعة لكل التكهنات، وأنه مع خفض إنتاج النفط إذا كان "سيفيد" الدول المصدرة. وإذا كان البعض قد قرأ في التصريح ما يؤيد خيار رفع أسعار النفط الخام من خلال تخفيض الإنتاج، إلا أنه في جوهره التزام المملكة بسياسة واضحة؛ هي الاتفاق. فما سيتفق عليه الجميع ستكون المملكة في جانبه، ذلك أن سياسة المملكة المعهودة عدم انفراد أي منتج رئيس بمثل هذه القرارات. لذا، فإن استكمال قراءة التصريحات، تؤكد أن الالتزام هو السياسة السعودية المقصودة، ويتعين على جميع المنتجين في "أوبك" الالتزام بأهداف الإنتاج بموجب اتفاق خفض الإمدادات الذي تقوده المنظمة، ولا يمكن للمملكة أن تعمل وحدها دون تشاور مع بقية أعضاء "أوبك"، وأن التحالف بين "أوبك" والمنتجين المستقلين، مستمر فترة طويلة. هنا نقرأ بوضوح كيف أن سياسة المملكة هي حوكمة قطاع النفط بطريقة تسمح لقرار جماعي بأن يجد طريقا سهلا للوصول إليه. وردا على سؤال عما إذا كانت هناك حاجة إلى زيادة تخفيضات إنتاج النفط لدعم السوق، أجاب الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة في المملكة، أنه سيكون خطأ استباق باقي أعضاء "أوبك".
وتقتضي السياسة النفطية السعودية التزامها بالعمل مع المنتجين الآخرين داخل "أوبك" وخارجها لاستقرار الأسواق العالمية للنفط، ولهذا فإن وزير الطاقة يشير إلى "أوبك +"، وهو التحالف بين "أوبك" ومنتجين مستقلين، ويصفه بأنه مستمر فترة طويلة، فقد استطاعت الدول المصدرة تجاوز أكبر عقبة بشأن أسعار النفط، ومن مصلحة الجميع استمرار العمل وفق هذا النهج. لذا، تجتمع لجنة متابعة تطبيق اتفاقيات المجموعة النفطية خلال أعمال مؤتمر الطاقة العالمي، وإذا كانت هذه الاجتماعات لن تنتهي بقرارات من شأنها زيادة الإنتاج أو تخفيضه، لكنها تقيم الوضع الراهن وقادرة على دعم قرارات المجموعة الدولية بشأن المسار الصحيح، رغم أن الضبابية تلف الأسواق العالمية بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والقلق من انكماش اقتصادي على مستوى العالم قد يقوض الطلب على النفط، حيث سيكون للقوى الاقتصادية الكبرى دور في تجنيب الاقتصاد العالمي ويلات الانكماش، فيما لم يتم اتخاذ قرارات تتصف بالجماعية.
تنتهج سياسة المملكة مبدأ الشفافية دوما، وهذه السياسة أعلنها الأمير عبدالعزيز بن سلمان بكل وضوح في رده على الأسئلة بشأن إنتاج وتخصيب اليورانيوم في المستقبل من أجل دعم برنامج إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، فهنا يؤكد أن المملكة ستمضي قدما، لكن بحذر من خلال تجربة مفاعلين نوويين. كما أن سياسة الشفافية كانت حاضرة بشأن المضي في طرح شركة أرامكو السعودية للاكتتاب، وأن العلاقة بين "أرامكو" ووزارة الطاقة هي علاقة مؤسسية بين دور الجهة الرقابية المنظمة وبين المؤسسات الاقتصادية. هذه العبارات التي صيغت بدقة توجه رسالة واضحة إلى الأسواق بشأن التغييرات الأخيرة التي تمت بشأن هذه العلاقة.

إنشرها