Author

تشدد المخزون يدعم أسواق النفط حاليا

|

يستمر المضاربون والمتاجرون في النفط في التطلع إلى ما وراء الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، حيث يراهنون على ارتفاع أسعار النفط في الوقت الذي يراقبون فيه تشدد المخزون.
بالفعل ارتفعت أسعار النفط الخام الأسبوع الماضي على خلفية توقعات غير مؤكدة أن الولايات المتحدة والصين قد تخفضان وتيرة الحرب التجارية، لكن أيضا بسبب بعض التحركات المتوقعة في بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. حيث أظهر التقرير الأخير للإدارة انخفاضا كبيرا في مخزونات النفط الخام بلغ عشرة ملايين برميل، أكثر بكثير مما افترضته السوق. على عكس التقارير السابقة التي كانت تميل إلى تقديم إشارات متضاربة، أظهر هذا التقرير أيضا انخفاضا بمقدار 2.1 مليون برميل في مخزونات البنزين وتراجعا مماثلا في مخزونات وقود المقطرات. بعبارة أخرى، كان التقرير بكل معنى الكلمة صعوديا. خفف هذا من المخاوف، على الأقل مؤقتا، من أن الاقتصاد العالمي المتباطئ سيترك الأسواق تعاني فائضا في الإمدادات. في هذا الصدد، قال مارتين راتس استراتيجي النفط العالمي في مورجان ستانلي "أسواق النفط متوازنة على نطاق واسع في الوقت الحالي، وتستفيد من التسارع الموسمي المعتاد في الطلب على النفط". 
لقد أضافت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بعض الأدلة على التوقعات السائدة من قبل مراقبي السوق الرئيسين بأن صورة العرض والطلب من المقرر أن تتشدد في النصف الثاني من هذا العام. على سبيل المثال تتوقع الوكالة الدولية للطاقة IEA حاليا نمو الطلب على النفط بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا عام 2019. لكن في الأشهر الخمسة الأولى من العام، زاد الطلب فقط بمقدار 520 ألف برميل في اليوم مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
من أجل أن تتحقق توقعات الوكالة لمجمل عام 2019، يحتاج الطلب إلى التسارع بشكل كبير في النصف الثاني من عام 2019. في هذا الجانب، تتوقع الوكالة أن ينمو الطلب العالمي على أساس سنوي بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم في الربع الثالث و1.9 مليون برميل في اليوم في الرابع. لكن يبدو أن توقعات الربع الرابع أكبر مما قد يكون عليه واقع الحال لأن الطلب انخفض في الربع الأخير من عام 2018، ما يجعل التوقعات السنوية تبدو متفائلة بشكل غير طبيعي. ومع ذلك، فإن الملاحظة المهمة هي أن الوكالة تعتمد على اقتصاد عالمي قوي وطلب قوي حتى يتحقق التشدد في أسواق النفط في الأشهر القليلة المتبقية من عام 2019.
في الواقع اعترفت الوكالة بالأساس الهش لهذه التوقعات، لأسباب ليس أقلها أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود. وقالت الوكالة في تقريرها لشهر آب (أغسطس) عن أسواق النفط العالمية: "التوقعات تبدو هشة مع وجود احتمالية أكبر لمراجعة هبوطية في الطلب أكثر منها صعودية". في غضون ذلك، تم تشدد ميزان العرض والطلب على المدى القصير بشكل طفيف بسبب انخفاض المعروض من دول "أوبك".
في هذا الجانب قالت الوكالة إن التخفيضات من "أوبك" وحلفائها، بقيادة التخفيضات القوية من السعودية، ستؤدي إلى انخفاض المخزونات في النصف الثاني من عام 2019. في إشارة واضحة إلى تصميمها على دعم إعادة التوازن إلى أسواق النفط، كان إنتاج المملكة أقل بنحو 0.7 مليون برميل في اليوم، هذا أقل من المستوى المتفق عليه في اتفاقية خفض الإنتاج. إذا حافظت "أوبك" على مستوى إنتاجها من النفط الخام لشهر تموز (يوليو) عند 29.7 مليون برميل في اليوم حتى نهاية عام 2019، فإن السحب المتوقع من المخزون في النصف الثاني من عام 2019 هو 0.7 مليون برميل في اليوم، وسيسهم في ذلك أيضا معدل أبطأ لنمو الإنتاج من خارج "أوبك".
في الوقت الحالي، تقوم دول "أوبك" بدورها على أكمل وجه. حتى روسيا أشارت إلى دعمها المستمر للمنظمة. حيث أكد وزير الطاقة الروسي أكثر من مرة التزام روسيا بخفض الإنتاج الطوعي من قبل "أوبك". في هذا الصدد قال كوميرز بنك : من المرجح أن يدعم الانضباط الجيد لخفض الإنتاج من قبل "أوبك" وحلفائها إضافة إلى الطلب الجيد أسعار النفط.
في الأسبوع الماضي، عادت بالفعل أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى الارتفاع فوق 55 دولارا للبرميل، وارتفع خام برنت إلى ما فوق 60 دولارا للبرميل في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي. لكن ما لم يستأنف الاقتصاد العالمي نموا أقوى، قد يتحول كل هذا إلى حالة مؤقتة وهو ما يعترف به حتى المحللون في "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية.
بالفعل، يعد تشدد الأسواق المتوقع ظاهرة مؤقتة لأن النظرة العامة في الأسواق لم تتغير، حيث تشير إلى نمو قوي للغاية في الإمدادات من خارج دول "أوبك" في العام المقبل في المتوسط بحدود مليوني برميل في اليوم. وفي ظل معظم التوقعات الحالية، ستكون أسواق النفط عام 2020 مزودة بشكل جيد بالإمدادات. هذا يعد إشارة إلى أن وفرة كبيرة إلى حد ما في الإمدادات تلوح في الأفق لعام 2020.

إنشرها