Author

هل يمكن نمو الإيرادات غير النفطية والاقتصاد معا؟ «8»

|

تقوم سياسة الالتقاء بين جهد الحكومة لتنويع الاقتصاد وتطلع القطاع الخاص إلى المساهمة والاستفادة، على التأسيس لسياق مشترك قابل للاستدامة، هو "تحفيز القطاع الخاص للارتقاء بالكفاءة الداخلية لمنشآته"، أو بعبارة بديلة "تحفيز القطاع الخاص للارتقاء بالإنتاجية". وكيف يمكن وضع هذه السياسة موضع التنفيذ؟ بإطلاق برنامج وطني لتحسين الإنتاجية.
هذا المطلب ليس جديدا، لكنه أصبح الآن ليس فقط أكثر إلحاحا، بل ضرورة لا غنى عنها. إذ يمكن بيان أن أهميته ترتقي لتجعله برنامجا من برامج "رؤية المملكة 2030"؛ فهو قابل للهيكلة بأن توضع له أهداف ومستهدفات ومؤشرات، جميعها قابلة للقياس، وسيكون له تأثير اقتصادي ومالي كبير، وأثر إيجابي واضح في ميزان المدفوعات والحساب الجاري. وثانيا، أن الإنتاجية منخفضة مقارنة بدول مجموعة العشرين، وبمجموعة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وثالثا، أن تحسين الإنتاجية ورفع الكفاءة هما ما سيتيحان لمنشآت القطاع الخاص الفرصة لتعيد هيكلة أعمالها التشغيلية بما يؤدي إلى خفض النفقات وزيادة الإنتاج. ورابعا، أن دولا عديدة، اضطرت إلى أن تستثمر في برامج أو مبادرات وطنية لتحسين الإنتاجية، وما برامج "تحسين الميزة التنافسية" إلا "إعادة تعليب" للمطلب الأساس، ألا وهو تحسين الإنتاجية لتصبح أعلى من إنتاجية المنافسين. وهكذا، علينا مضاهاة إنتاجية عوامل الإنتاج لدينا مع الدول المتقدمة اقتصاديا، والسعي سعيا منهجيا لردم الفجوة. وخامسا، تحسين الإنتاجية ليس طرحا تنظيريا بل هو الأساس لأي نهضة اقتصادية تؤدي إلى تفوق تجاري، ويمكن الدولة من غزو أسواق أخرى. لن نذهب بعيدا ولننظر إلى المثل الأوضح الصين أو كوريا أو حتى اليابان "أيام عزها"، ما جعلها تتقدم الصفوف وتبز المنافسين لم يكن شيئا آخر إلا تفوقها من حيث الإنتاجية، وعليه فإننا حتى نعزز ميزاننا التجاري وميزان المدفوعات، لا بد لنا من الارتقاء بإنتاجيتنا، وبوسعنا القيام "بالتمرين" التالي: أن نحلل صادراتنا ووارداتنا من كل دولة من الدول العشر الأولى في التبادل التجاري، ثم نستبعد صادراتنا من النفط، ثم نقارن أول خمس سلع نستوردها من كل دولة، وندرس تلك السلع باعتبارها حالات اختبار من خلال طرح التساؤل: هل نستطيع الاستغناء عن تلك السلعة؟ هل نستطيع تصنيعها؟ ما تحديات وموانع ذلك؟ وسنجد أن النتيجة "مجلجلة"، أن لا مدخل لنا إلا تحسين الإنتاجية، ولا مدخل آخر سواها. "يتبع"

إنشرها