Author

مكافحة الفساد مبادئ ثابتة للسلوك والنزاهة

|


تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة، بعد رحلة إدارية طويلة في القطاع العام، ومنذ كان أميرا لمنطقة الرياض، وفي كل كلمة أو لقاء يؤكد خادم الحرمين الشريفين مفهوم المصلحة العامة كإحدى أهم ركائز الإدارة السعودية في عهده الزاهر، وهذا المفهوم يقضي - من بين أمور - التزاما بقيم ومبادئ ثابتة للسلوك والنزاهة، وهذه أهم قواعد الحوكمة الحديثة. ولضمان "العمل من أجل المصلحة العامة" في جميع الأوقات، فإن قواعد الحوكمة تؤكد هذه المبادئ عند قمة قيادة القطاع العام، "وهو ما يشار إليه غالبا باسم "النغمة في القمة"، وإنه يجب استخدام هذه القيم عند اتخاذ القرارات وغيرها من الإجراءات.
كما أن هذه القيم تتطلب الالتزام القوي بسيادة القانون، والامتثال لجميع الأنظمة ذات الصلة، وإذا تم ضبط هذه القواعد وتأكيد النزاهة وفهمها من هذه المنطلقات يمكن الوصول إلى تحديد تعريف واضح للفساد، وإنه العمل على غير ما تقتضيه المصلحة العامة، عندما لا تكون النزاهة حاضرة والقيم مفعلة والقرارات عند القمة محلا لتضارب المصالح. ولأن الأمر بهذه الأهمية فقد أولاه خادم الحرمين الشريفين اهتمامه الشخصي، وأشار إلى هذا الموضوع في أكثر من مناسبة، وبدأ محاربة الفساد عند القمة، مع تشكيل لجنة لذلك الغرض برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أوائل عام 1439، وخلال أعمال اللجنة تم استدعاء 381 شخصا، وأخلي سبيل من لم تثبت عليهم تهمة الفساد، وأجريت التسوية مع 87 شخصا بعد إقرارهم بما نسب إليهم وقبولهم بالتسوية، وأحيل 56 شخصا إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق معهم وفقا للنظام، كما نتج عن ذلك استعادة أموال للخزانة العامة للدولة تجاوزت في مجموعها أربعمائة مليار ريال، وأنهت اللجنة أعمالها في منتصف عام 1440، وجاء التوجيه الملكي باستمرار الدولة على نهجها في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وردع كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام والتعدي عليه واستباحة حرمته، وأن على الأجهزة الضبطية والرقابية تعزيز دورها في ممارسة اختصاصاتها؛ بما يضمن الفاعلية وحماية المال العام والمحافظة عليه.
عندما أنهت اللجنة العليا أعمالها كانت تعلن أنه قد تم تعزيز قيم النزاهة وسيادة القانون عند القمة في أعلى الهرم الإداري في المملكة، وأن النغمة هناك أصبحت تؤكد ذلك، كما تتطلب قواعد الحوكمة التي أقرتها المؤسسات الدولية كافة، من بينها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات الدولية المهتمة بهذا الشأن، ولأن تعزيز النزاهة عمل مستمر وممنهج، فإن ما أنجز عند أعلى الهرم يتطلب عملا مماثلا عند المستويات الإدارية والمؤسسات الحكومية العاملة في المصلحة العامة كافة.
وقد أمر خادم الحرمين الشريفين بالأمس باعتماد تشكيل لجنة إشرافية لمكافحة الفساد، برئاسة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ومدير عام المباحث الإدارية، لتتولى اللجنة اتخاذ جميع الوسائل والآليات اللازمة لتحقيق النزاهة، والقضاء على الفساد المالي والإداري، ومتابعة كل ما يتصل بذلك، بما يكفل سرعة البت في قضايا الفساد، والرفع بتقارير عما يتم في هذا الشأن أولا بأول.
وهنا يؤكد خادم الحرمين الشريفين منهجه الصارم في مكافحة الفساد وعدم التسامح مع الفاسدين، وحماية المصلحة العامة، وهو ما تم التوجيه به من قبل، وتأكيد حرص الملك وولي العهد على رفع مستوى أداء وفاعلية الأجهزة الرقابية.

إنشرها