Author

في الممر

|

تقدمت إلى رئيسها باحتجاج، نظرا لتعطل المصعد أكثر من مرة، ما يسبب لها المتاعب، ولا سيما أن مقر عملها في طابق مرتفع.
استغلت فرصة لقائها به في أحد ممرات المكاتب، ووجهت له نقدا لاذعا وسط مجموعة من زملائها. اكتفى الرئيس باعتذار وابتسامة. شعر أن أي نقاش سيصب الزيت على النار، فآثر إطفاءه. ورأى أن يؤجل ملاحظاته على طريقتها في تسجيل اعتراضها إلى وقت لاحق، حتى لا يشعل الحوار.
باشر الرئيس بنفسه موضوع المصعد، وناقش مسؤول الصيانة، وطالب بإنهاء معاناة الموظفين بأي طريقة. ثم طلب أن يعقد اجتماعا غدا مع موظفته، ليناقشها في أسلوبها وطريقتها في عرض مشكلاتها مستقبلا.
لم تنتظر الموظفة الغد لتجتمع مع الرئيس. حرصت أن تلتقيه قبل نهاية الدوام. طلبت من مساعده الإداري أن تجتمع مع رئيسها لمدة خمس دقائق. نقل المساعد رغبتها إلى الرئيس الذي وافق مباشرة. سارعت بعد دخولها مباشرة إلى مكتب الرئيس بالثناء على سرعة تجاوبه، واعتذرت عن طريقتها.
أخبرته أنها تأسف لرفع صوتها، وحتى حوارها معه بهذه الطريقة وفي المكان غير المناسب. وكشفت له أن سبب سلوكها الانفعالي يعود إلى اكتشافها الليلة الفائتة إصابة والدتها بمرض السرطان، ما أفقدها القدرة على التحكم بانفعالاتها وقتئذ.
أخبرني الرئيس أنه عندما حاول عدم الرد عليها، عندما احتجت بطريقة غير ملائمة، كان يهدف إلى احتواء الموضوع في وقته، مبيتا النية لاجتماع آخر، يوضح من خلاله بهدوء سوء تقديرها في اختيار مكان وزمان الشكوى. وأنه لم يكن يعلم نهائيا ظروفها العائلية الصعبة. لكنه يعتقد أنه استفاد من ذلك الموقف درسا مهما، هو أن يلتمس ألف عذر للموظف قبل اتخاذ أي إجراء ضده.
وإذ أسجل إعجابي بحكمة زميلي في إدارة ذلك الموقف الانفعالي، أؤكد أنه يجب أن نلتمس العذر لزملائنا دائما. فالموظف ليس آلة. هو كتلة من مشاعر وعواطف. علينا أن نعينها ونستوعبها، ونحاول أن نعذر ونصبر قبل الحكم عليهم.
أرجوك يا صديقي المدير: لا تحكم على زميلك من موقف واحد. امنحه أكثر من فرصة. وتذكر أن من يعذر أخاه يؤجر.
وعندما تمنحه فرصة ستذكر وتشكر.
فز بثقة زملائك لتفز بهم.
ساعدهم ليسعدوك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها