Author

أزمة تلوح في الأفق .. مالية أم اقتصادية؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


يصعب على غير المختصين في الاقتصاد تقرير نوع الأزمات التي تظهر أهي أزمات اقتصادية أم مالية؟ على أساس ذلك يتم تحديد التداعيات التي قد تظهر وأساليب العلاج أو التخفيف من الآثار.
بالعودة إلى أزمة 2008 التي تعد أشهر أزمة في العصر الحديث، كانت أزمة مالية ونتجت من تحالف كارثي بين المصرفيين والعقاريين في تلك المرحلة وقدموا تمويلا عقاريا مفرطا دون ضمانات كافية تحمي النظام المالي من الانهيار؛ إلا أن الأزمة صعدت إلى مستويات عالية ووصلت إلى جميع القطاعات وأصبحت أزمة عابرة للقارات؛ مع الأسف آثارها لا تزال إلى اليوم وخسر المتلاعبون بما في ذلك صانع القرار الأمريكي.
حاليا؛ هناك تدهور في بعض المفاهيم الراسخة في الرأسمالية مثل حريات الأسواق وتفاعل عوامل السوق بتلقائية وإصلاح النظام الاقتصادي نفسه بشكل مستمر، وغيرها من المبادئ التي ينادي بها قادة النظام الرأسمالي. علاوة على ذلك تهاوت مشاريع الرفاهية نتيجة الأزمات التي ظهرت في النظام الرأسمالي وتقلصت حركة رأس المال بين الدول وضعف تمكين الكيانات الكبرى من شركات وغيرها من النفاذ إلى الاقتصادات المختلفة. وقد كرست المنظمات العالمية مثل صندوق النقد تلك المفاهيم بشكل قوي لدى صناع السياسات الاقتصادية حول العالم حتى اقتنع العالم بذلك.
هناك أزمة عالميا نتوقع حدوثها وهي تلوح حاليا في الأفق، الأزمة المقبلة اقتصادية؛ نتيجة كسر قواعد النظام الاقتصادي وقواعد الرأسمالية بين الدول الاقتصادية الكبرى. نمت الصين بشكل طبيعي وفق قواعد النظام الاقتصادي، إلا أنها قامت أخيرا بأمور مخالفة للقواعد الاقتصادية؛ كالتلاعب بسعر الصرف وسرقة براءات الاختراع الأمريكية وأدى ذلك إلى نمو قوي للاقتصاد الصيني جعل أموال وشركات العالم تتجه إلى الصين، أما على مستوى الدول الأخرى، فتخلت كثير من الدول عن دورها الرقابي على حركة الأموال غير المشروعة ولا سيما الدول المتعطشة للنمو وتم منح الأسواق المالية ثقة لا تستحقها على حساب الاقتصاد الحقيقي ونتج منه تضخم للاقتصاد المالي.
في وقت مبكر أدرك الأمريكيون تلاعب الصينيين إلا أن جميع الحلول السياسية بينهما لم تنجح؛ لذا قرر الرئيس الأمريكي فرض رسوم على المنتجات الصينية بهدف كسر هيمنة الصين وتقليص اختلال الميزان التجاري؛ ونشأت أزمة بتداعيات عالمية على سعر النفط والسلع والخدمات وترافق مع ذلك تباطؤ ثم انكماش وقد نرى ركودا طويلا ولا سيما إذا لم يتوافق قادة العالم على حلول.
فشلت مجموعة السبع في الاجتماع الأخير في مدينة بياريتس الفرنسية في الوصول إلى حلول؛ لذا الأزمة اقتصادية في هيكل النظام الرأسمالي في هذه المرحلة المثيرة. وأتوقع أن تقوم بعض البنوك المركزية بزيادة أرصدة الذهب لتخفيف أثر الأزمة، أما الحل الحقيقي فتثبيت سعر الصرف بين الكبار وفق نطاق هامش ضيق جدا بحسب اتفاقية بريتون وودز.

إنشرها