default Author

الأرض تختنق

|

الأكسجين في الحقيقة هو إكسير الحياة وليس المادة التي يبحث عنها العلماء والدجالون على حد سواء لإطالة عمر الإنسان وتمتعه بشباب دائم. ما الفائدة من هذا كله إذا كنت لا تستطيع إيجاد المادة التي تجعلك أصلا تعيش؟ هل يستطيع البشر وأغلب الكائنات العيش من دونه؟ الإجابة القاطعة، لا. إن أطول مدة يستطيع الإنسان العادي بقاءها حيا فعليا دون أكسجين، لا تتجاوز أربع دقائق، فالإنسان يفقد وعيه بعد حرمانه من الأكسجين بمرور 30 - 180 ثانية، علما بأن خلايا الدماغ تبدأ بالموت بعد 60 ثانية فقط، وبعد 3 - 4 دقائق يحدث الموت الدماغي!
لذلك، نرى العالم يصرخ ويحذر من حرائق غابات الأمازون التي تشتعل منذ مدة وبلا هوادة، وستقضي على الأكسجين الذي نتنفسه!
في الواقع، الذي ينافي كل ما أشيع في وسائل الإعلام وما صرح به الرئيس الفرنسي ماكرون قبل أيام عادا أن غابات الأمازون المطيرة، رئة العالم التي تنتج 20 في المائة من أكسجين كوكبنا. إن حرائق "الأمازون" تثير القلق لأسباب عديدة، ليس من ضمنها نقص إمداد الأكسجين!
فالغابات الاستوائية، تحتوي على عديد من أنواع النباتات والحيوانات التي لا توجد في أي مكان آخر. إنها ملاجئ مهمة للسكان الأصليين، وتحتوي على مخازن هائلة من الكربون، مثل الخشب والمواد العضوية الأخرى، التي من شأنها أن تسهم في أزمة المناخ.
إن الادعاء المتكرر في كثير من الأحيان بأن غابات الأمازون المطيرة تنتج 20 في المائة من أكسجين كوكبنا، يستند إلى سوء فهم، لأن المحيطات هي المنشأ الأساسي لجميع الأكسجين على وجه الأرض، وهناك ما يكفي منه لملايين السنين. يقول العالم سكوت ديننج، المختص بدراسة الغلاف الجوي، "هناك عديد من العناصر، بما في ذلك الأكسجين، تتنقل باستمرار بين النظم الإيكولوجية الأرضية والمحيطات والغلاف الجوي بطرق يمكن قياسها وتحديد كميتها، حيث يتم إنتاج كل الأكسجين الحر تقريبا في الهواء بواسطة النباتات من خلال عملية التمثيل الضوئي التي يحدث ثلثها في الغابات الاستوائية، ويقع أكبرها في "الأمازون"!
لكن الأكسجين الناتج من هذه العملية كل عام تستهلكه الكائنات الحية والحرائق، فتسقط الأشجار والأوراق الميتة والأغصان والجذور باستمرار، التي تغذي نظاما بيئيا غنيا من الكائنات الحية، معظمها من الحشرات والميكروبات. وتستهلك الميكروبات الأكسجين في تلك العملية، ونتيجة ذلك، يصبح الإنتاج الصافي للأكسجين بواسطة الغابات - وبالأصح جميع النباتات البرية - يقترب من الصفر.
إذن، المصنع الأساسي للأكسجين هو المحيطات التي تطلقه على سطحها فيصلنا نقيا، وأما ما علق به من مركبات عضوية، فتسقط في الأعماق لتنتج لنا فيما بعد النفط والغاز، لذلك تنفسوا بحرية!

إنشرها