Author

لا مشكلة في المشكلة

|

تواصل معي أحد الأصدقاء عدة مرات. ألح علي لنلتقي إثر تعرضه لمشكلة. يود أن يحصل على رأيي تجاهها. وجودنا في مدينتين مختلفتين أخر اللقاء قليلا. لكن تم ولله الحمد. فور أن التقينا تدفق الحديث من صديقي دون توقف. روى المشكلة بدقة متناهية وقلق بالغ وانفعال واضح، عكسته حركة أطرافه ونبرة صوته.
استعرض المشكلة التي تعرض لها بالتفصيل. ثم عرض علي الحل؛ حلا شاملا وواضحا، حاسما وقاطعا. يضع النقاط على الحروف ويطفئ ثورة الشك والتوجس.
بعدها شكرني بحرارة على مساعدتي إياه في حل المشكلة، راجيا ألا أتعرض لمكروه. ثم عانقني بحرارة، ومضينا إلى دربينا.
وأنا أقفل عائدا إلى سكني، استرجعت ما حدث، ووجدت أنني لم أقم بشيء تجاه صديقي. لم أقدم حلا أو وساطة أو أخمد مشكلة. لم أقم بشيء سوى الجلوس معه والإصغاء إليه دون مقاطعة.
شعرت بعد هذه الحادثة أن أغلبنا يعرف حلول مشكلاته، لكن المشكلة في عدم وجود من يصغي إليها. من يربت على كتف الحل، ويوقع عليه ليمنحه اللمسة السحرية الأخيرة.
في الحقيقة، أنه لا مشكلة في المشكلة.
المشكلة هي في غياب طرف يهتم ويستمع ويعضد ويساند.
يا الله، كم تعلمت من تجربة صديقي أن الإصغاء هو الحل.
أن تستمع باهتمام فأنت ساعدت وأسعدت. حللت ووفيت. التحدي الكبير أننا لا نستمع. لا نصغي. لا نهتم.
الآخرون يتوقون إلى جوارحك، مشاعرك، أحاسيسك. هذا هو التعبير الذي سيمنحهم العبير.
لا تقتصد في إسداء استماعك بإصغاء. كل ما في الأمر هو إظهار حرصك وقلقك.
لن تكتفي بأن تكون شاهدا على فوز، وإنما ستغشاك طمأنينة هائلة وارتياح عارم.
ستخامرك مشاعر فياضة وطاقة إيجابية. كل هذا لقاء صمتك فقط.
كثير من أحبتنا لا يحتاجون إلى الكلام. بل إلى الصمت. امنحهم صمتك بحب وسخاء. حينها لن تجد مشكلة في المشكلة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها