Author

انقطاعات الإمدادات الكبيرة تمنع أسعار النفط من الانهيار

|

قريبا ستواجه أسواق النفط عجزا في الإمدادات، على الرغم من تزايد هشاشة الاقتصاد العالمي وركود الطلب على النفط. في الوقت نفسه، تستعد الأسواق لمواجهة فائض كبير العام المقبل.
لقد أسهمت تخفيضات "أوبك" وحلفائها، وتدهور الإمدادات في إيران وفنزويلا، وتباطؤ نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في تشدد الأسواق. من الممكن أن يشهد النصف الثاني من عام 2019 سحبا كبيرا وسريعا من المخزون ما يؤدي إلى التخلص من بعض الوفرة في الإمدادات.
في الواقع، درجة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد إمدادات النفط العالمية كبيرة، هذ الكم الهائل من انقطاعات الإنتاج في العالم كان من شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع إلى مستويات قياسية. ما زالت "أوبك" تبقي على 1.2 مليون برميل يوميا خارج السوق، وفقدت فنزويلا نحو مليون برميل في اليوم مقارنة بمستويات عام 2017، وتراجعت صادرات إيران بأكثر من مليوني برميل يوميا منذ إعادة تطبيق العقوبات العام الماضي. وفي الوقت نفسه الهجمات على الناقلات، والتوترات العالية في منطقة الخليج العربي تعرض مزيدا من الإمدادات للخطر.
لقد انخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى 450 ألف برميل في اليوم، وفقا لأرقام شهر تموز (يوليو). ومع ذلك، قال ممثل وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالشأن الإيراني، إن حجم الصادرات من المرجح أن يتراجع إلى نحو 100 ألف برميل في اليوم فقط، بالقرب من مستوى "الصفر" الذي كانت تستهدفه الولايات المتحدة. تختلف الأرقام الدقيقة لتصدير النفط التي قدمها ممثل الولايات المتحدة الخاص بإيران عن مصادر أخرى لكن في كلتا الحالتين، انخفضت الصادرات بشكل كبير عن 2.5 مليون برميل في اليوم منذ أوائل عام 2018.
في غضون ذلك، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لأسواق النفط لشهر آب (أغسطس)، إنه تم تشديد توازن الأسواق بشكل طفيف على المدى القصير بسبب انخفاض المعروض من دول "أوبك". إذا حافظت المنظمة على مستوى إنتاجها لشهر تموز (يوليو) عند 29.7 مليون برميل في اليوم حتى نهاية عام 2019، فإن السحب المتوقع من المخزون في النصف الثاني من عام 2019 سيبلغ 0.7 مليون برميل في اليوم وسيسهم تباطؤ معدل نمو الإنتاج خارج "أوبك" في ذلك أيضا.
باختصار، السوق في وضع فيه العرض بالفعل في حالة عجز، والمخاطر الجيوسياسية تعرض مزيدا من الإمدادات للخطر. مع ذلك، أسعار النفط ضعيفة. ذلك لأنه حتى عندما يرى عديد من المحللين عجزا في العرض، يبدو أن ضعف الطلب يستمر في مفاجأة المحللين. في النصف الأول من عام 2019، زاد الطلب فقط بمقدار 0.6 مليون برميل في اليوم، الذي كان إلى حد كبير نتيجة لزيادة الطلب بنحو 0.5 مليون برميل في اليوم في الصين. بمعنى آخر، خارج الصين، بالكاد زاد الطلب على النفط.
أحدث الأرقام من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تشير إلى انخفاض مخزونات النفط الأمريكية، الذي يبدو أنه يقدم بعض الأدلة التي تدعم فكرة أن الأسواق في حالة عجز وسيستمر انخفاض المخزونات. مع ذلك، تم تعويض التأثير الصعودي بزيادة مخزونات البنزين. في هذا الجانب أشار تقرير الإدارة إلى زيادات غير متوقعة في مخزونات المنتجات النفطية حيث ارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 312 ألف برميل، بينما نمت مخزونات نواتج التقطير بمقدار 2.6 مليون برميل. في حين، أنه في مثل هذا الوقت من العام عادة تنخفض مخزونات البنزين بسبب ارتفاع الطلب الموسمي.
قبل بضعة أسابيع فقط من نهاية موسم القيادة في فصل الصيف، ارتفعت مخزونات البنزين بنسبة 4 في المائة في المتوسط -أي إلى مستوى مريح. وقد أدى ذلك إلى هوامش تكرير أضعف من المتوقع، التي هي في الواقع في أسوأ حالاتها منذ شباط (فبراير). من المحتمل أن تستجيب المصافي من خلال خفض معدلات التشغيل، الذي ارتفع مرة أخرى قبل أسبوعين. ومن المتوقع أن نشهد انخفاضا كبيرا في معدل التشغيل في الأسابيع المقبلة. لكن انخفاض الطلب من المصافي قد يؤدي مرة أخرى إلى ارتفاع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه التباطؤ في نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة يعزى إلى أسباب مختلفة، حيث أدى انخفاض أسعار النفط، والضغوط المالية، وتشكيك المستثمرين إلى خفض الإنفاق. وبدأ هذا يترجم إلى نمو أبطأ، ما أسهم في تشديد أسواق النفط أو على الأقل، أصبحت أكثر تشددا مما كان يمكن أن يكون عليه الأمر خلاف ذلك. في ولاية تكساس على سبيل المثال انخفضت عمليات استكمال الآبار بنسبة 12 في المائة في الأشهر السبعة الأولى من عام 2019 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. تباطأ نمو الإنتاج على أساس سنوي إلى 1.65 مليون برميل في اليوم في أيار (مايو)، منخفضا عن ذروته البالغة 2.1 مليون برميل في اليوم في آب (أغسطس) 2018. لكن الإنتاج لا يزال ينمو بنسبة كبيرة. يتوقع المحللون في المتوسط نمو الإنتاج من خارج "أوبك" بمقدار 1.8 مليون برميل في اليوم لعام 2019 و1.9 مليون برميل في اليوم لعام 2020. هذه معدلات نمو مرتفعة للغاية من خارج "أوبك"، لكنها أقل بكثير من مستوى معدل النمو القياسي البالغ 2.8 مليون برميل في اليوم عام 2018.
يتناقص نمو الإمدادات بمعدل 1.8 مليون برميل في اليوم من خارج "أوبك" هذا العام بشكل حاد مع الزيادة المتوقعة في الطلب البالغة 0.8 مليون برميل في اليوم فقط. بالفعل كانت هناك حاجة إلى خفض الإنتاج من قبل "أوبك" وحلفائها لمنع أسواق النفط من الانهيار التام، بما في ذلك التخفيضات الأعمق التي قامت بها السعودية، والعقوبات الأمريكية القاسية على فنزويلا وإيران.
قد تشهد الأسواق انخفاضات مؤقتة في المخزونات في الأشهر المقبلة بسبب انقطاع العرض الاستثنائي، لكن نمو الطلب الضعيف والعرض من خارج منظمة أوبك يعنيان أن الفائض سيعود في العام المقبل.

إنشرها