default Author

العمالة المفقودة وتغييرات سوق العمل «3 من 3»

|


إن هناك ما هو أكثر من فجوة البطالة بالنسبة لخمول سوق العمل ولا سيما بعد التغييرات في سوق العمل الناجمة عن الركود الكبير. وفي حين يوحي تقلص فجوة البطالة بأن الاقتصاد يقترب من العمالة الكاملة، فإن نسبة العمالة إلى عدد السكان ترسم صورة مختلفة. وبالفعل فإن هذه النسبة، التي تقيس كم من القادرين على العمل يعملون بالفعل، لا تزال أقل من مستواها قبيل الركود الكبير بمقدار يزيد على أربع نقاط مئوية. فما الذي يمكن أن يتسبب في هذا الانقطاع؟ أولا هناك العمال الراغبون في العمل والجاهزون للعمل لكنهم لم يبحثوا عن وظائف في الأسابيع الأربعة السابقة ولم يتم تصنيفهم كعاطلين "يطلق عليهم العمال المرتبطون بالسوق بطريقة هامشية". إضافة إلى ذلك، هناك أيضا كثير من العاملين غير المتفرغين الذين يودون أن يعملوا ساعات أكثر لكنهم لا يستطيعون لأن الأعمال التجارية لا تزال تواجه ظروفا صعبة. وفي حين يمكن أن يكون هناك مكون هيكلي في زيادة عدد العاملين غير المتفرغين نتيجة تزايد قدرة الشركات على التنبؤ بأعباء العمل خلال فترات الذروة، مثلا، فإن جزءا من هذا المكون يعبر بلا شك عن إرث من الظروف الدورية الضعيفة. وتشير إضافة هذه المكونات إلى معدل البطالة إلى استمرار حالة ما من الخمول في سوق العمل.
وكما أكدت جانيت يلين، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي، فإن الصورة الكاملة لسوق العمل تحتاج إلى فحص عوامل تتجاوز معدل البطالة. وتشمل هذه العوامل أدوات قياس ديناميكيات سوق العمل، مثل الوظائف الشاغرة، وعمليات التوظيف وترك العمل التي عادت إلى مستويات ما قبل الأزمة تقريبا. ويعد العدد المتزايد لحالات ترك العمل أمرا مشجعا لأنه إشارة إلى أن الناس أصبحوا أكثر ثقة وهم يتركون وظائفهم الحالية سعيا وراء فرص تحقق لهم دخلا أعلى وتلائمهم بشكل أفضل.
ولجمع كل هذه العناصر في مقياس واحد للخمول، فإننا نحسب "فجوة العمالة" ذات التعريف العام التي تشمل انحرافات معدلات البطالة والمشاركة عن مستويات اتجاهها العام أو مستوياتها الطبيعية ويتم تعديلها لمراعاة العدد الكبير من العمال الذين لا يعملون على أساس التفرغ بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم.
وكما يمكن أن يتوقع المرء فإن قياسنا يبين فجوة كبيرة في العمالة في أعقاب الركود الكبير مدفوعة إلى حد كبير بالزيادة الكبيرة في البطالة والعمال الذين لا يعملون على أساس التفرغ بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم. وبدأت فجوة المشاركة، بدورها في النمو بعد عام 2010 نظرا لأن فترة الركود المطولة أدت إلى تثبيط همة كثيرين وخروجهم من القوة العاملة. وكانت هذه هي الظروف التي تعمل فيها سوق العمل. أما الآن، ومع انخفاض معدل البطالة إلى نقطة مئوية واحدة تقريبا في معظم التقديرات المعدل الطبيعي للبطالة، فإن ما بقي من خمول ينشأ أساسا من فجوة المشاركة، وبقدر أقل من فجوة العمل على أساس عدم التفرغ. ونتوقع أن يختفي الخمول الكلي في سوق العمل "أي فجوة العمالة" في عام 2018. ويشير هذا التراجع التدريجي في خمول سوق العمل إلى استمرار أهمية دور السياسات الاقتصادية الكلية التيسيرية، مثل تدابير السياسات النقدية الداعمة للمساعدة على الوصول إلى العمالة الكاملة.
إضافة إلى ذلك، تعد السياسات الرامية إلى عكس اتجاه التراجع في نسب المشاركة بالغة الأهمية للتوسع المطلوب في توفير العمالة اللازمة لدفع النمو المحتمل في الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة. ويعد تحسين النمو من الشواغل الرئيسة في الولايات المتحدة، حيث تشير تنبؤات كثيرة إلى أن نسبة النمو المحتمل ستصل إلى نحو 2 في المائة وهي بعيدة عن المعدلات البالغة أكثر من 3 في المائة في المتوسط التي كانت سائدة قبل الركود الكبير.
وتشمل التدابير الرئيسة تحسين برامج البحث عن الوظائف والتدريب وتوجيه الاستحقاقات للأسر المنخفضة الدخل، مثل دعم رعاية الطفل. كما ينبغي أن يكون إصلاح نظام الهجرة جزءا من الحل. ولمواجهة آثار شيخوخة السكان، ينبغي أن توسع الولايات المتحدة برنامجها لمنح تأشيرات الدخول للمهاجرين ذوي المهارات العالية وهو ما سيحسن أيضا إنتاجية القوى العاملة.

إنشرها