كان لبواس وجهة نظر مختلفة؛ قبل وصوله إلى الولايات المتحدة قضى وقتا في دراسة حياة الإنويت في جزيرة بافن "جزيرة تابعة أقصى الشمال الكندي تابعة لأتاوا"، أصبح مقتنعا بأن توافق الآراء حول العرق كان مركبا.
كتب "كثيرا ما أسأل نفسي ما المزايا التي يتمتع بها مجتمعنا الصالح مقارنة بمجتمع الهمجيين؟ كلما زادت رؤيتي لعاداتهم، أدركت أننا لا نملك الحق في احتقارهم".
وافق على طلب اللجنة وبدأ هو وفريق من الباحثين "الانتشار في جميع أنحاء المدينة" لتحليل ما يقارب 18 ألف شخص مستخدمين أجهزة قياس، بما فيها أجهزة لقياس لون العين، حسبما كتب تشارلز كينج، أستاذ الشؤون الدولية والحكومية، في كتابه الأخير Gods of the Upper Air، ويضيف "قاسوا رؤوس الطلاب في المدارس اليهودية "..." ووزعوا استبيانات على العائلات الإيطالية "..." وطرحوا أسئلة على البوهيميين في أحيائهم على إيست سايد "..." ولاحقوا الهنجاريين والبولنديين والسلوفاكيين في بروكلين".
أظهرت بيانات بواس أن أطفال المهاجرين الذين تربوا في المكان نفسه الذي تربي فيه الأطفال المولودون في الولايات المتحدة وتغذوا على النظام الغذائي نفسه كانوا، جسديا، أقرب إلى كونهم جيرانا لهم، مقارنة بالجماعات الوطنية لوالديهم، ما يشير إلى أن الفزيولوجيا "علم وظائف الأعضاء" لا يتم تحديدها مسبقا بـ"العرق" بل تعتمد على البيئة. لا يوجد أساس علمي لتصنيف "الأجناس" رفيعة أو دنيئة، التصنيف يعكس فقط التعصب الغربي.
اختتم بواس بالقول "ندرك أن كل تصنيف للبشرية يجب أن يكون مصطنعا إلى حد ما"، ما أثار عاصفة من النقد السياسي، وخسر بعد ذلك كثيرا من تمويله، لكن تقريره الذي حمل عنوان "التغييرات في التشكيل الجسدي لأحفاد المهاجرين" أصبح مؤثرا، وألهم بواس جيلا جديدا من علماء الأنثروبولوجيا، مثل مارجريت ميد وروث بينيديكت، بإعادة النظر في عمله في عام 2003، كتب ثلاثة علماء أنثروبولوجيا "ساعدت دراسته أكثر من أي دراسة "..." في تحويل التيار ضد العنصرية العلمية في أوائل القرن الـ20".
اليوم، قليلون من غير علماء الأنثروبولوجيا هم من سمعوا عن بواس، ومع ذلك، فإن قصته - المرتبطة بتناول كينج المثير للإعجاب لرد الفعل العكسي الذي تعرض له هو وغيره من المفكرين "المتمردين" مثل ميد وبينيديكت - تستحق مزيدا من الاهتمام في الوقت الحالي، إنها توفر طريقة ذات صلة حيوية بتأطير شبح العنصرية القبيح كما يظهر في سياستنا.
يتتبع كينج ثلاث موجات رئيسة من التفكير الغربي حول العرق، قبل القرن الـ19، نظر الأكاديميون إلى أعراق مختلفة على أنها متميزة بصورة دائمة، وكأنها أنواع منفصلة، بعد أن قدم عمل تشارلز داروين فكرة التطور، اكتسبت فكرة ثانية قوة: أن الإنسانية مترابطة، لكن المجتمعات المختلفة كانت تتطور بمعدلات مختلفة، وهكذا تم تصنيف المجتمعات وفقا لمدى "كونها بدائية".
بواس وميد وبينيديكت وغيرهم قبلوا هذا التوافق التطوري في البداية وذهبوا إلى أماكن مثل الدائرة القطبية الشمالية وسامووا، بهدف دراسة "الأشخاص البدائيين" وإدخالهم في مخطط تطوري، لكن بعد مراقبة الثقافات المختلفة مباشرة، أدركوا أن من الخطأ تماما وصف الثقافات الأخرى بأنها "بدائية". الثقافات الإنسانية المختلفة تحتاج إلى تقدير ودراسة وفق شروطها الخاصة، بوصفها جزءا من "القوس الكبير للأغراض والدوافع البشرية المحتملة" كما كتبت بينيديكت. وصفت هذا النهج الثالث بأنه "الاعتراف بالنسبية الثقافية"، أو فكرة أن الثقافات الإنسانية المختلفة صالحة في حد ذاتها، ويجب احترامها.
لقد غرقت هذه الأفكار إلى حد كبير خلال الحرب العالمية الثانية، حين سادت الفاشية والنازية، لكن في عقود ما بعد الحرب ساعدت على تشكيل حجر الأساس لحقوق الإنسان. لقد كان للثورة الفكرية التي ساعد بواس وبينيديكت وميد في إطلاقها تأثير هائل. كما قال كينج، "لقد كانوا جزءا من النضال لإثبات أن - على الرغم من اختلاف لون البشرة، أو الجنس، أو القدرة، أو العرف - الإنسانية شيء واحد غير مقسم".
لكن هذه الحقيقة هشة بشكل واضح. فقط فكر في اللغة العنصرية، والتغريدات، التي تدور حول السياسة الأمريكية التي تعزز رؤية استثنائية للعالم. الآن، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى إدراك كيف طور بواس وغيره رؤية بديلة للإنسانية. فهم هذا التاريخ الفكري الذي يُتجاهَل كثيرا يعد خطوة أولى نحو الدفاع عنه.
أضف تعليق