FINANCIAL TIMES

تباعد أم تقارب بين قطبي تحالف الأنجلو-ساكسون الأعظم؟

تباعد أم تقارب بين قطبي تحالف الأنجلو-ساكسون الأعظم؟

تباعد أم تقارب بين قطبي تحالف الأنجلو-ساكسون الأعظم؟

"أعظم تحالف عرفه العالم على الإطلاق" كان ذلك هو الوصف الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، على العلاقة التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية ببريطانيا العظمي، خلال زيارته الرسمية إلى بريطانيا في منتصف الشهر الماضي، على أن أفق العشاء في قصر باكنجهام الذي أقامته الملكة إليزابيث الثانية للرئيس الأمريكي، لم يدم طويلا.
الرئيس الأمريكي نفسه كان قد وجه ضربة غير مسبوقة إلى "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، وهي التي تطورت حتى تكللت في النهاية بإجبار كيم داروك، السفير البريطاني في واشنطن، على ترك عمله، من الناحية الفعلية، الصدمة المتمثلة في رؤية سفير بريطاني شجبه رئيس أمريكي ووصفه بأنه "أحمق متعجرف" جعل من داروك شخصا غير مرغوب فيه من قِبل البيت الأبيض، سيتردد صداها لفترة طويلة.
توماس رايت، رئيس مركز الولايات المتحدة وأوروبا في معهد بروكينجز في واشنطن، يعتقد أن العلاقات الأمريكية البريطانية وصلت إلى "أدنى مستوى في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية".
قد يجيب البعض بأن الخلاف حول برقية دبلوماسية مسرّبة لا يمكن مقارنته بالخلاف حول مسائل الحرب والسلم، مثل أزمة السويس عام 1956، عندما أجبرت الولايات المتحدة بريطانيا على التخلي عن التدخل العسكري في مصر.
يجادل رايت بأن "هذا قد يتجاوز السويس، بمعنى أنه لا يوجد حتى سبب استراتيجي كامن في هذا الصدع".
في قضية داروك، كان السبب الأساس للنزاع ببساطة هو حساسية البيت الأبيض، الذي لم يستطع تحمل حقيقة أن السير كيم وصف إدارة الرئيس الأمريكي، في رسائل البريد الإلكتروني المسربة، بأنها "تفتقر إلى الكفاءة" وأنها "فوضوية"، على الرغم من عدم وجود أصول استراتيجية حقيقية لهذا النزاع، إلا أن له تداعيات استراتيجية هائلة على المملكة المتحدة.
بوريس جونسون، الذي كان من شبه المؤكد أن يكون الزعيم الجديد لحزب المحافظين ورئيس وزراء بريطانيا بحلول نهاية هذا الشهر، لديه نهج تجاه العالم مبني حول هذه العلاقة الخاصة، عند حدوث تلك الأزمة.
"مذّاك تم انتخاب جونسون بالفعل، زعيما للحزب ورئيسا للحكومة".
في مناظرة القيادة التلفزيونية آنذاك مع خصمه جيرمي هنت، تبنى جونسون إشادة ترمب الأخيرة بالأهمية التاريخية للتحالف الأمريكي البريطاني.
وفي محاولة للبقاء مفضلا لدى الرئيس، امتنع جونسون بشكل مقصود عن التعبير عن دعمه للسير كيم، وهو صمت أسهم في قرار السفير بالاستقالة، في اليوم التالي.
استعداد جونسون لاسترضاء البيت الأبيض يشير إلى أي مدى أصبحت العلاقة الخاصة غير متوازنة، حيث تبدو بريطانيا كمتوسل أكثر مما هي شريك للولايات المتحدة.
موقف رئيس الوزراء المنتظر تجاه إدارة ترمب يحدده تصميمه على إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، "أفعل أو أموت".
مع اقتراب الانهيار المضطرب في العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي، يعتقد جونسون بوضوح أنه ببساطة لا يستطيع تحمّل استعداء الحكومة الأمريكية أيضا.
بالنسبة إلى مؤيدي "بريكست" الصعب مثل جونسون، فإن الفائدة الكبيرة من الخروج من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي في الاتحاد الأوروبي، تكمن في أن من شأن ذلك أن يحرر بريطانيا بما يسمح لها بعقد صفقات تجارية جديدة في جميع أنحاء العالم، وصفقة مع الولايات المتحدة هي أكبر جائزة على الإطلاق.
خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة المتحدة، أشار ترمب إلى احتمالية إبرام صفقة تجارية جديدة "هائلة" مع أمريكا، التي لن تصبح ممكنة إلا بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي. مع ذلك، فإن تقلبات إدارة ترمب وجهوده القومية تحت شعار: "أمريكا أولا" ومعاملته للسفير، ينبغي أن تكون بمنزلة جرس إنذار صاخب للمفاوضين البريطانيين.
يقول جيرمي شابيرو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، الذي يشغل الآن منصب رئيس الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "لا توجد علاقات خاصة مع أمريكا في ظل رئاسة ترمب، كل علاقة تكون قائمة على أسس عملية، تخضع بالكامل لاحتياجات الرئيس السياسية المحلية أو ببساطة لمزاجه... بريطانيا بقيادة بوريس جونسون قد تسعى وراء وهم يناسب أنانية أي من الزعيمين، أشك في أن العلاقة التاريخية مع أمريكا ستمنح بريطانيا قدرا من الاهتمام الخاص، سرعان ما سيكتشف الزعيمان أن تضارب المصالح ليس له أصدقاء ولا ولاء". شخصيتا ترمب وجونسون أمر أساسي في الصدع الحالي يوفر بعض الأساس للراحة.
كارين فون هيبل، وهي مسؤولة سابقة في إدارة باراك أوباما ترأس الآن معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن، تشير إلى أنه "تحت مستوى القيادات، تظل العلاقات الأمريكية البريطانية واسعة وعميقة، في كل من المجالين المدني والعسكري، وهذا من المرجح أن يستمر".
على أنه حتى لو وضعنا جانبا نفوذ ترمب، فإن السياسة على جانبي المحيط الأطلسي ستجعل من الصعب للغاية إبرام صفقة أمريكية-بريطانية.
من المحتمل أن تشمل المطالب الأمريكية فتح أسواق المواد الغذائية والرعاية الصحية في المملكة المتحدة.
"الدجاج المعالج بالكلور" الأمريكي اتخذ في الأصل مكانة أسطورية في المملكة المتحدة، كمثال على منتج يُزعم أنه بغيض يجب عدم إدخاله إلى بريطانيا بأي ثمن، هناك أيضا مخاوف من أن شركات الأدوية الأمريكية قد تطالب بتغييرات مثيرة للجدل في ممارسات شراء الأدوية من قِبل خدمة الصحة الوطنية، الأمر يمكن أن يؤدي إلى زيادة الأسعار.
الأمر غير المعروف على نطاق واسع في بريطانيا هو أنه قد تكون هناك أيضا مشكلات سياسية كبيرة، قد تحول دون تمرير تلك الصفقة التجارية عبر الكونجرس في الولايات المتحدة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES