default Author

أمنا إفريقيا

|

نفاخر بانتماءاتنا وأصولنا وجذورنا ومن أين أتينا وتدور معارفنا حول فترات زمنية قريبة نسبيا، لكن بالعودة إلى الوراء لمنبع البشرية وأصلها ستجده من هناك، من القارة الإفريقية بداية من أبي البشرية آدم عليه السلام.
نتسيد نحن البشر الكرة الأرضية وكأنها أوجدت لنا وحدنا رغم وجود ملايين الكائنات تشاركنا كوكبنا الأزرق ونظن أننا نملك الأرض وما حوت ولا نعلم أن هناك فترات مرت من عمر البشرية الذي يزيد على مليوني عام كاد أن يختفي البشر.
كان أسلافنا يقبعون في بقعة صغيرة من شرق إفريقيا قبل نحو 200 ألف عام في أرض خصبة وفيرة الخيرات إلى أن جاء العصر الجليدي الذي استمر لأكثر من مليوني عام بتقلباته المتعددة وتسبب في تحول الأرض إلى صحراء جدباء مما قضى على 95 في المائة من البشر حتى أصبح جنسنا مهددا بالانقراض ولم ينج من هذه الكارثة إلا أناس قليلون عاشوا في أماكن متفرقة على طول الساحل الجنوبي لإفريقيا، حيث وجدوا الظروف ملائمة للعيش، وهم أجداد كل إنسان يعيش على وجه الأرض اليوم ونجاتهم من الظروف القاسية كانت من أعظم التحديات البشرية على الإطلاق، فالفضل يعود لهم في وجودنا بتحديهم وكفاحهم من أجل البقاء.
وبعد أن عدت هذه المرحلة القاسية من تاريخ البشرية واستعاد البشر قوتهم وسيطرتهم عادوا لإعمار إفريقيا بشكل أفضل، لكن الطبيعة لم تتركهم مستقرين على طول الخط وتقلبت أحوال الطقس ليعود العصر الجليدي مرة أخرى، والذي تزامن مع انفجار بركاني هائل في الجانب الآخر من الأرض في بحيرة توبا إندونيسيا اليوم، هذه البرودة التي عمت الأرض لعشرات الأعوام كادت تقضي على البشرية ولم يعد يبقى منهم سوى عدد قليل بالكاد يملأ قاعة عروض مسرحية.
وأشارت الدراسات الجينوجرفية إلى أن عدد البشر وصل إلى ألفي فرد فقط هم أجداد أي بشر وجدوا على الأرض مرة أخرى من ذلك الوقت، بعد هذه النكبة حاول أجدادنا النهوض وبناء حضارة جديدة مختلفة وظهرت أول معالم الحضارة والفن. وهنا بدأ أسلافنا بمغادرة وطننا الأم الذي احتضننا منذ البداية وانتشروا في أصقاع الأرض.
تطورت البشرية وبدؤوا يستخدمون قدراتهم العقلية وطاقاتهم الجسدية وانطلقوا في رحلات الاستكشاف وتخطوا الصحراء الكبرى ليصلوا إلى أوروبا ثم انطلقوا إلى آسيا ليصلوا منها إلى أستراليا حتى غزوا شمال أمريكا ولم يتوقف حلم البشر على غزو الأرض بل اتجهوا للفضاء الخارجي.
لتبقى إفريقيا منبع البشرية وقد تكون مستقبل الأجيال القادمة بالعودة للأصول.

إنشرها