تقارير و تحليلات

رغم سلسلة مبيعات ديون الاقتصادات الناشئة .. أدوات الدين السعودية تتماسك في الأسواق الدولية

 رغم سلسلة مبيعات ديون الاقتصادات الناشئة .. أدوات الدين السعودية تتماسك في الأسواق الدولية

أظهرت أدوات الدين السعودية الحاصلة على خامس أعلى تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية، تماسكا ملحوظا في الأسواق الثانوية الدولية، وذلك رغم سلسلة المبيعات التي طال أثرها أدوات الدين الصادرة من الدول الحاصلة على تصنيف ائتماني دون الدرجة الاستثمارية.
وأشعلت الأرجنتين، ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، شرارة تلك المبيعات بعد ظهور نتائج الانتخابات التمهيدية التي لم تلق استحسان المستثمرين في الأسواق الناشئة، وعززت مخاوفهم من أن الأرجنتين قد تتجه لإيقاف الدفعات الدورية على سنداتها السيادية، وذلك نظرا للانخفاضات المتواصلة لقيمة عملتها التي تزيد بدورها من تكلفة سداد الديون المقومة بالدولار على خزانة الحكومة اللاتينية.
من ناحية أخرى، كشف رصد لصحيفة "الاقتصادية" بشأن الأثر الإيجابي المتعلق بالانضمام التدريجي للديون السيادية السعودية إلى مؤشرات سندات "جي بي مورجان" للأسواق الناشئة، عن انخفاض ملحوظ لمنحنى العائد "الذي يحوي 14 إصدارا دوليا"، وذلك ما بين الفترة من أواخر ديسمبر إلى يوليو من العام الجاري.
واستند الرصد إلى معيار هامش "زي سبريد" Z-spread الذي وصل فيه المعدل المتوسط لانخفاضاته 44 نقطة أساس، ما يعني أن تكلفة الإصدارات على الحكومة والشركات ستصبح أقل مما كانت عليه أواخر كانون الأول (ديسمبر).
وتعول الشركات السعودية على منحنى العائد السيادي وذلك عندما تستعين به في تسعير إصداراتها، حيث يتم الاسترشاد بأسعار العائد السيادي عند صدور الأسعار الاسترشادية الخاصة بإصدارات تلك الشركات.
وعلى الرغم من مرور سبعة أشهر من الانضمام التدريجي للإصدارات السيادية الخليجية إلى مؤشرات سندات "جي بي مورجان" الخاصة بالأسواق الناشئة، إلا أن فجوة الهامش الائتماني الخاصة بالجانب التسعيري لم تنغلق بالكامل بين دول المنطقة وبين الدول الأخرى من منظومة الأسواق الناشئة.
ومع هذا فقد تقلص الهامش الائتماني مقارنة بما كان عليه قبل عام، وذلك بفعل التدفقات التدريجية التي تمت من المحافظ العالمية خلال الفترة الماضية.
وعلى سبيل المثال يظهر مؤشر "جي بي مورجان" الخاص بالهوامش الائتمانية، أن تلك الهوامش قد تقلصت بأكثر من 36 نقطة أساس في الشهرين الماضيين إلا أنها تبعد بمقدار 13 نقطة أساس عن نظيراتها من الأسواق الناشئة.
وكان اللافت من خلال الرصد أن الآجال القصيرة الأجل للسندات والصكوك الخمسية والسبعية، سجلت المقدار الأكبر في الانخفاض من حيث التكلفة، وذلك باستخدام مقياس "زي سبريد"، وذلك بوصول نطاق الانخفاضات ما بين 61 إلى 56 نقطة أساس.
ويعود ذلك إلى كون تلك الإصدارات تبقى على إطفاء أجلها ما بين سنتين إلى أربع سنوات، وهي بذلك تصبح مغرية بعائدها الحالي وذلك من وجهة نظر المستثمرين الذين يبحثون عن الإصدارات القصيرة الأجل.
وهناك فئة من شركات إدارة الأصول من يُضمن في استراتيجيته الاستثمارية، استهداف الإصدارات المتوسطة الأجل ثم بعد مرور بضعة سنوات تتحول لتصبح قصيرة الأجل.
ومصطلح "زي سبريد" يستخدم بشكل واسع بين العاملين بصناعة أدوات الدخل الثابت، وهو مبلغ العائد (الفرق) الذي سيحصل عليه المستثمر من سندات صادرة من جهة غير الخزانة الأمريكية فوق العائد الذي يحمل الأجل نفسه لسندات صادرة من الخزانة الأمريكية.
ويمثل Z-spread المخاطر الإضافية التي تشمل مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة.. إلخ.

الديون الأرجنتينية
تعرضت الديون الأرجنتينية برفقة أدوات الدين الخاصة بـ"الاقتصادات الصغيرة والضعيفة" لمبيعات ابتدأت من يوم الإثنين الماضي، إلا أن العاملين بأدوات الدخل الثابت أفادوا بأن الدول الحاصلة على درجات ائتمانية عالية من حيث التصنيف الائتماني والمنضوية في منظومة الأسواق الناشئة، لم تتأثر بما جرى.
وأظهرت الديون السيادية للسعودية تماسكا ملحوظا في التداولات الثانوية، وذلك على الرغم من الأحدات التي تمر بها بعض دول الأسواق الناشئة.
وللسعودية سندات سبعية يحين أجلها في سنة 2025، وذات عائدها 4 في المائة، وهي تتداول عند مستويات 107 سنتات للدولار أي فوق القيمة الاسمية.
والأمر نفسه ينطبق على السندات الثلاثينية التي يحين أجلها في 2049، التي تتداول عند مستويات قريبة من 114 سنتا للدولار.

الانضمام التدريجي
منذ الإعلان عن إمكانية انضمام دول الخليج إلى مؤشر سندات "جي بي مورجان"، وذلك على مدى تسعة أشهر، اتخذ المستثمرون مراكز لهم بتلك الأوراق المالية، وذلك عبر عمليات شراء استباقية تسبق عملية الانضمام الفعلي التي جاءت بدايتها بنهاية كانون الثاني (يناير) الماضي.
ويعود السبب لكون الانضمام سيتم بطريقة تدريجية إلى الحجم الكبير للديون الخليجية التي لو تم ضمها بشكل فوري، فإنها ستحدث اضطرابات بديون الدول الأخرى مع تحويل الصناديق جزءا من أموالها إلى أدوات الدين الخليجية.
ووصل الوزن الأولي للديون الخليجية في 31 كانون الثاني (يناير) -وهو تاريخ الانضمام الفعلي- إلى 1.29 في المائة، ومن ثم يتوقع لهذا الوزن أن يصل إلى 11.82 في المائة بنهاية 30 أيلول (سبتمبر) من العام الجاري.
وأثناء الانضمام خرجت تقارير تفيد بأن مقدار التدفقات المتوقعة من الصناديق "السلبية" التي تتبع المؤشر، نحو الأصول الخليجية التي ستنضم إلى المؤشر، تراوح ما بين 30 إلى 45 مليار دولار، في حين قد تمكنت الصناديق النشطة من بناء مراكز لها بتلك الأصول وذلك قبل الانضمام الرسمي.
ولدى "جيه بي مورجان" أكثر من 40 مؤشرا وتسيطر سلسلة الأسواق الناشئة أو فئة EMBI على أكثر من 90 في المائة من الحصة السوقية بعالم إدارة الأصول.
ولعل أهم مؤشر من تلك المؤشرات هو مؤشر EMBI Global Diversified، الذي انضمت إليه السعودية، ويحظى بشعبية أكبر بين إدارات الأصول وتتبعه استثمارات بنحو 360 مليار دولار.

* محلل أدوات الدين والائتمان

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات