Author

تنظيم عمليات الصلح

|

شاهدت مقطع زيارة أمير منطقة عسير، أولياء الدم في قضية قتل، الهدف الإصلاح بين الخصوم، في محاولة فريدة لرأب الصدع والبحث عن رضى المتخاصمين بما يضمن إيقاف مزيد من فقدان الأحباب. هذه المحاولة الرائدة حققت هدفها، بل زادت على ذلك أن أكدت للناس أن أهل القتيل إن أرادوا الصلح فهم قادرون، وأن المسؤول يستطيع أن يستخدم محبته وعلاقاته و"الكاريزما" التي يتمتع بها نحو إصلاح ذات البين دون البحث عن المكاسب المادية التي قد تعوق العفو والصلح المأمولين.
لعل إعادة النظر في عمليات الصلح في حالات القتل، وما يرتبط بها من سلوكيات وتجاوزات، من أهم مطالبات الناس اليوم. إن ترك الباب مفتوحا أمام مزيد من المزايدات ومحاولات كسر العظم بين الطرفين لا بد أن يتوقف. هذه التجمهرات التي تسيء لصورة المجتمع، وتدفع بالناس نحو شفير المتاجرة بالدماء، أمر يؤسف له، وينبغي العمل على التخلص منه من قبل الجميع.
استمرار الإسفاف وظهور من "يتمصلحون" من استمراره، أمر لا بد من التعامل معه بقوة وحزم. هذا ما يحاول أعضاء مجلس الشورى أن يناقشوه ويصلحوا ما يمكن إصلاحه من نتائجه. المشروع الذي ستدرس وسائل التعامل مع كل ذلك خلال جلسات مقبلة للمجلس، في محاولة إعادة بساطة المجتمع ونضارته وألقه، التي أخفتها عمليات التكسب التي لا ترضي أحدا ووصلت إلى مستويات مليونية مخيفة.
يتماشى مشروع "الشورى" مع المتطلب الأهم، وهو نشر قيمة التسامح في المجتمع، وإلزام كل من له أثر معنوي أو مجتمعي أن يكون لبنة في تأكيد تلك السماحة. من ذلك، البحث عن الحلول بعيدا عن العصبية والقبلية، ومن ذلك الاستفادة من أولي النهى والفصل في المجتمع ليكونوا حاجزا أخلاقيا يحمي استمرار المزايدات في تحديد الديات.
قد يصل "المجلس" إلى تحديد مبالغ لا يمكن تجاوزها في عمليات الصلح هذه، ونعلم جميعا أن ذلك - إن قرر - قد يخترق من قبل فئات أو أشخاص بعيدين عن العناية بمصالح المجتمع، وهذه النقطة - بالذات - لا بد أن تكون مثار نقاش واضح في "المجلس"، وأن تحظى بما تستحقه من البحث لإيجاد الحلول والعقوبات التي يمكن أن تطول من يخرجون على الصلح المجتمعي في سبيل الحصول على المال، وهو الظلم الذي يجب أن نحذر منه جميعا.

إنشرها