Author

الشرعية ومصلحة الشعب اليمني أولا

|


تنطلق المملكة العربية السعودية من مبادئها السياسية العامة المعلنة في التعاطي مع مسائل عربية حساسة جدا، ومتفجرة جدا أيضا. وعلى رأس هذه المبادئ الحفاظ على الشرعية في هذا البلد أو ذاك، وضمان وحدة أراضيه، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى. إنها منطلقات إلى مفهوم الأوطان وليس الانقسامات والتقسيمات. ومن هنا، أسرعت القيادة في السعودية إلى احتواء التطورات التي تجري في عدن اليمنية بين الحكومة الشرعية وانفصاليين يسعون إلى تقسيم البلد، وإعادته إلى ما كان عليه في السابق. ومسؤولية المملكة الأخلاقية دفعتها بالطبع إلى التحرك في كل الاتجاهات لحصر أي أضرار قد تنجم عن هذه التطورات، ولاسيما أنها تأتي في وقت تقود فيه الرياض تحالفا من أجل اليمن وشعبه، ولتمكين الشرعية فيه للقيام بدورها الطبيعي، ورفع المعاناة والظلم عن كاهل هذا الشعب الشقيق.
في هذا التطور الخطير تطالب المملكة بتحكيم العقل، وضبط النفس، والتحلي بالحكمة المطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى. لماذا؟ لأن اليمن يحارب في الواقع أعداء في داخله يسعون إلى تقسيمه، وتحويله إلى تابع لنظام الإرهاب في إيران، وتدمير الشرعية المعترف بها دوليا، وإبقاء الخراب والمعاناة في البلاد. وعصابات الحوثي التي تحارب مواطنيها، لا تسعى إلى أقل من هذا. بل تمضي قدما في التخريب، والقتل والعدوان، ونشر الكراهية. وتسعى بكل ما تملك من عون يقدمه لها الإرهابي علي خامنئي، إلى إنهاء اليمن بصيغته العربية. «الحوثي» العدو يقوم بكل ذلك إلى جانب تغلغل عصابات وتنظيمات إرهابية مثل "داعش" و"القاعدة". وهو يتحالف معها استنادا إلى المصالح المشتركة. وهذه المصالح ببساطة تتفق على القضاء على أي شكل من أشكال الدولة في اليمن، ومواصلة التخريب بأعلى مستوى ممكن.
الرياض قالتها بوضوح حول ما يجري في عدن. إنها تعد أي تمرد على الشرعية في اليمن ككل تمردا على الدولة والقانون. ولأن المملكة تعمل على حماية الدولة والقانون فقد دعت جميع الأطراف المتخاصمة في هذه المدينة إلى الوقف الفوري والكامل لإطلاق النار في المدينة، وسحب قوات المجلس الانتقالي من المواقع التي استولت عليها بالقوة. وإذا لم يتم ذلك بأسرع وقت، فإن التحالف الذي تقوده لدعم الشرعية سيتعامل مع الأمر برد حازم. هذا التحالف هدفه واضح أمام المجتمع الدولي كله، وهو استقرار اليمن، وإنهاء انقلاب الخونة الحوثيين، وتفويت الفرص على كل من يريد إثارة الفتنة وبث الانقسام بين أبناء الشعب اليمني الشقيق. وهل توجد جهة طبيعية وحكيمة ومخلصة في هذا العالم لا تريد ذلك؟! وهنا دعت السعودية إلى عقد اجتماع عاجل في جدة لمناقشة هذه المشكلة وإيجاد حلول مناسبة لها من أجل مصلحة الاستقرار في اليمن.
الذي لا يريد تحقيق الأهداف السعودية في البلد الشقيق هم أنفسهم الذين يريدون استمرار الحرب في اليمن إلى ما لا نهاية، ويعملون على إحداث متغيرات دنيئة لن تقبلها القيادة السعودية بأي شكل من الأشكال، والأهم أن هؤلاء يسعون إلى تمكين الطائفية البغيضة الممولة بصورة فاجرة من إيران التي يحميها نظام ليس إرهابيا فقط، بل يتصدر قائمة الجهات الأكثر تمويلا للإرهاب والخراب في هذه المنطقة أو تلك. كان بإمكان المملكة أن تتحرك من خلال التحالف الدولي الشرعي لحسم الأمر في عدن، لكنها فضلت -كما هو معروف عنها- التخاطب بالحكمة، وإعطاء المجال للأطراف التي تستهدف الشرعية في البلاد، للتوقف عن ممارساتها الخطيرة هذه. لا حلول وسط عند الرياض بهذا الأمر. فالشرعية اليمنية لن تُمس مرة أخرى، والعمل على نشر الأمن والأمان للشعب اليمني سيمضي قدما تحت أي ظروف كانت.

إنشرها