FINANCIAL TIMES

أحواض بناء السفن الكورية تجابه «اندماجات» الصين

أحواض بناء السفن الكورية تجابه «اندماجات» الصين

تستعد شركات بناء السفن في كوريا الجنوبية لعصر جديد من المنافسة الشرسة مع الصين، بعد أن أعلنت أكبر مجموعتين لبناء السفن تدعمهما بكين، عن خطط للاندماج.
سيؤدي دمج شركتي الصين الوطنية لبناء السفن وصناعة بناء السفن الصينية، الذي تم الاتفاق عليه الشهر الماضي، إلى إيجاد شركة عملاقة أمام شركة هيونداي للصناعات الثقيلة الكورية الجنوبية المنافسة، لتشكلا أكبر شركة بناء سفن من حيث الطلب في العالم، حتى بعد الاستحواذ المخطط له من قبل الشركة الكورية الجنوبية على "دايو لبناء السفن والهندسة البحرية" المصنفة في المرتبة الثانية.
قال كا سام هيون، الرئيس التنفيذي لشركة هيونداي للصناعات الثقيلة، "إن المجموعة الصينية الجديدة ستكون غريما أكثر تنافسية، مع أوجه تآزر من شأنها أن تحفز تطورا تكنولوجيا أفضل وتتيح إنفاق تكاليف أقل".
وأضاف كا لـ"فاينانشيال تايمز" في سيئول "يجب أن نكون أفضل من الأحواض الصينية في تكنولوجيات الهندسة والجودة. يجب أن نحاول رفع وتحسين مستوى الجودة والتكنولوجيا لدينا وأن يكون مستوى صنعتنا أفضل".
إن قطاع بناء السفن الهائل في الصين - واستفادته من الأيدي العاملة منخفضة التكلفة والصلب وإعانات الدولة – يطرح تحديا كبيرا أمام الشركات العملاقة في كوريا الجنوبية، وهو وضع مستمر طوال أكثر من عقد من الزمان.
بيد أنه مثل أحواض بناء السفن في جميع أنحاء العالم، عانى أيضا السعة المفرطة في الإنتاج.
حالات العجز وإعادة الهيكلة من قبل "رونجشنج للصناعات الثقيلة" في الصين في عام 2014، رمزت إلى مشكلات الصناعة الصينية مع تدهور أسواق الشحن العالمية.
في محاولة من بكين لتفادي رؤية افلاس شركات بناء السفن المثقلة بالديون، بدأت بكين في تشجيع عمليات الاندماج فيما بينها.
وفقا لكا، أصبح الاتجاه العالمي الآن واضحا، "أن تتوحد الصناعة من أجل البقاء".
وقال "حتى في كوريا كان لدينا كثير من أحواض بناء السفن الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الحجم، إنها كثيرة للغاية، بالنظر إلى حجم اقتصادنا وأرضنا وسكاننا وإلى المنافسة على الطلب في العالم".
سيكون لدى المجموعة الصينية الجديدة أصول تبلغ 120 مليار دولار، مقارنة بنحو 33 مليار دولار في شركة هيونداي للصناعات الثقيلة بعد استحواذها على "دايو البحرية"، وفقا لشركة سكاوت إيجا للبيانات scoutAsia.
على أن هذا الحجم الكبير يتناقض مع الحصة الأكبر التي تمتلكها كوريا الجنوبية في السوق العالمية: لقد حصلت على 39 في المائة من الطلبات العالمية العام الماضي مقارنة بنسبة 30 في المائة للصين، وفقا لـ"كلاركسونزريسيرش" التي ترصد سوق الشحن البحري.
على الرغم من أن المجموعات الصينية لم تكشف عن تفاصيل تنظيم الكيان الجديد، إلا أن هناك تفاؤلا بين المديرين التنفيذيين في الصناعة، بأن هذا التغيير يمكن أن يخفض الفائض المزمن في الطاقة العالمية لبناء السفن.
قال تشونجسونجيوب، وهو محلل في "دايواسيكيوريتيز" في سيئول "هناك فائض طاقة مفرط في الصين في الوقت الحالي، وذلك الاندماج سيقلل بالتأكيد وفرة العرض"، مضيفا أن "الدمج سيجلب وفورات حجم ويساعد هذه الشركات على اكتساب مزيد من الزخم".
مع ذلك، تأتي الصفقة أيضا في ظل خلفية سجل الصين غير المكتمل، من حيث تحقيق النجاح في إصلاح واسع النطاق ضمن المؤسسات المملوكة للدولة، في السنوات الأخيرة.
وأشارت ميشيل لام، خبيرة شؤون الصين الاقتصادية في "سوسيتيه جنرال"، إلى أن خفض الطاقة الإنتاجية في بكين قد حسن من ربحية الشركات ونسب الديون، في قطاعات مثل التعدين والصلب والفحم.
إلا أنها أضافت أنه "من السابق لأوانه القول إذا ما كان إصلاح الشركات المملوكة للدولة، يضمن على نطاق واسع تحسين الأداء المالي".
قال لام "في نهاية المطاف، يتعلق الأمر بتحسين حوكمة الشركات؛ وهذا يعني أن يكون صاحب الشركة المملوكة للدولة مدفوعا بالأرباح، وليس بالضرورة اتباع أهداف الحكومة".
إن عمليات الدمج الناجحة الجارية في كل من كوريا الجنوبية والصين، ستكون دليلا في حقبة جديدة من التنافس تماما، مثلما هددت موجة من التغير التكنولوجي الصناعة.
اعتبارا من كانون الثاني (يناير) المقبل، ستلزم المنظمة البحرية الدولية السفن بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، ما يمثل بداية لجهد عالمي لتنظيف واحدة من أكثر الصناعــات تلويثا في العالم.
تتضمن الخطة خفض انبعاثات الكربون بنحو النصف على الأقل عن مستويات عام 2008 بحلول عام 2050.
قال تشونج من "دايواسيكيوريتيز"، "إن هذا التغيير قد يدفع أصحاب السفن في البداية إلى التحول إلى وقود منخفض الكبريت، أو تركيب معدات لتجريد الكبريت من انبعاثات السفن، بدلا من الانتقال على الفور إلى السفن الجديدة التي تعمل بوقود أنظف مثل الغاز الطبيعي المسال LNG".
طالما أن هناك طلبيات إنتاج جديدة أمام شركات بناة السفن، "سيكون هذا محرك نمو طويل الأجل "...." فلن يحدث ذلك بين غمضة عين وانتباهتها" كما قال.
هذا العام، تخيم ظلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما يجعل مالكي السفن مترددين في تقديم طلبات جديدة، وهو ما أدى إلى انخفاض الأرباح في النصف الأول، والضغط على الانتعاش الذي طال انتظاره في هذه الصناعة. بيد أن من المتوقع أن يستحث نمو إنتاج الغاز الطبيعي المسال شركات بناء السفن في السنوات الخمس المقبلة، ما يعزز الطلب على ناقلات ذات تكنولوجيا متقدمة وعالية الثمن.
وفقا لبحث أجرته "وود ماكنزي"، فإن طلبات شراء ناقلات الغاز الطبيعي المسال الجديدة ستنمو "بسرعة" بحلول منتصف عام 2020، مع توافر خدمة طلب جديدة للوقود عبر الإنترنت، في كل من أستراليا وروسيا والولايات المتحدة.
الطلب في جنوب وجنوبي شرق آسيا للوقود، ومعظمه للاستخدام الصناعي والطاقة، من المتوقع أن يتضاعف خمس مرات بحلول عام 2040.
وتتوقع الشركة الاستشارية أن من الضروري ارتفاع الطلب إلى 116 سفينة جديدة لتلبية هذا الطلب بحلول عام 2025، وسيرتفع العدد إلى 500 بحلول عام 2035.
تهيمن الشركات الكورية الجنوبية على سوق نقل الغاز الطبيعي المسال، وهي تحظى بنحو 90 في المائة من الطلبات. "هيونداي للصناعات الثقيلة" تشعر بالقلق من التحدي المحتمل من الصين واليابان، مع زيادة الطلب على سفن جديدة أنظف وذات تقنية عالية.
إنها تضيف نحو ألف موظف جديد إلى العاملين، للتركيز على البحث والتطوير، ما سيزيد عدد موظفيها الذين يركزون على الأبحاث، بحلول الوقت الذي يتم فيه الانتهاء من إنشاء مركز تطوير تكنولوجي جديد بحلول عام 2021.
قال كا "عندما تتحد المجموعات الصينية معا، ستكون بالتأكيد أفضل من حيث تطوير التكنولوجيا، ومن حيث البحث والتطوير، بل ولربما ستكون أيضا أقوى من ناحية ناقلات الغاز".
وأضاف "هذا سيتطلب منا بذل مزيد من العمل الشاق، لرفع قدراتنا التنافسية إزاء هذا التحدي غير المسبوق".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES