Author

يوم الروحانية والقداسة والمحبة

|


اليوم هو يوم استثنائي بكل المقاييس، رغم أنه يتكرر في كل عام، لكنه يظل في كل مرة يوما جديدا مشحونا بالروحانية والقداسة والمحبة والألفة بين جموع الشعوب الإسلامية من كل لون وجنس، وفي قارات العالم كلها. إنه عيد الأضحى المبارك بروحانيته الدينية المعبرة عن الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو الحج الذي فرضه الخالق على عباده "لمن استطاع إليه سبيلا". فالحاج يقدم فيه أضحيته بعد أداء مناسكه، والمسلمون في مدنهم وقراهم يقدمون ما شاء الله لهم من أضحية، امتثالا لشريعة أقرها الخالق، يعبرون من خلالها عن شكرهم وامتنانهم له - سبحانه - على ما قدم لهم من نعم.
العيد في مقدمه يحمل لنا مع تباشير الصبح الأولى أنوار البهجة والأحاسيس الفياضة بالمحبة، والتواصل بالخير مع الجميع، يخرجون بمظاهر اللباس، بجديده الزاهي، رجالا ونساء، ليعكسوا مظهرا من مظاهره. وإن كانت معالم الزينة وأقواس الترحاب وفعاليات الاحتفال والأهازيج والأغاني الشعبية هي أيضا مظاهر أخرى من مظاهره، فإن للعيد في وجدان الجميع حفاوة يتذوق طعمها ويحس بدفئها منذ وعى الإنسان نفسه في بواكير عمره، أي أنه مهما تقدمت بنا السن ونأت بنا المسافات وتوزعت بنا الأمكنة؛ فإن العيد يحفظ لنا طفولتنا ببراءتها وشبابنا بتوقده وحماسه، ولا يبخل أبدا على المرء، رجلا كان أم امرأة، بأن يحيطه بهذا الحس، ويطوقه بهذه المشاعر. وبذلك، يجد الجميع أنفسهم يتصرفون بعفوية وبساطة، يعانق الواحد منهم الآخر والضحكة تسبقه، وأسارير وجهه تضيء معالم بسماته، فتمحو أي مشاعر سلبية أحدثتها الأيام، فلا يعود بين الإنسان والإنسان إلا الصفاء والمودة والإحساس بالدفء والألفة والوئام.
إذن، هكذا يفعل بنا العيد فعلته السعيدة، يدمج قلوبنا في بعضها بعضا، ويشرح صدورنا لبعضها بعضا، ويفتح أبواب بيوتنا لتصبح القرية بيتا واحدا، والمدينة بيتا واحدا، والوطن بيت البيوت جميعا.. يحشدنا العيد في جوقة فرح على الأرائك بحديث حميم، ويديرنا بنفوس مفتوحة الشهية على مائدة طعامه، ويزفنا إلى الساحات وأماكن الترفيه، ويجعلنا في عرس فريد، فلا وقت للوقت ولا حساب للزمن. اليوم كله أرجوحة تطوف بنا بين مرح وفرح ومتعة لا تستثني أحدا.
والعيد إذ ياخذنا إلى بعضنا بعضا، فهو أيضا يعزز إحساسنا بمنجزات الوطن والفخر بمسيرة تقدمه على الصعد الخدمية والإنتاجية كافة، حيث تحقق "رؤية المملكة 2030" أهدافها الاستراتيجية، وتحقق باهر المنشآت الصناعية والترفيه، وتعمق مسيرة اقتصادنا الوطني وتدفع به إلى استثمارات نوعية شديدة الصلة بحضارة العصر وتقنياته الحديثة، وفي الوقت نفسه تكرس القيادة السديدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده. جهودا متواصلة لترسيخ دعائم الاستقرار والتقدم، تذود عن حماه المخاطر والشرور لينعم بالأمن والسلام، متألقا بمفرداته الروحية ومكانته الاقتصادية، في الصدارة من بين دول العالم المتقدم. وليس لنا في هذا اليوم السعيد، سوى أن نرفع الأكف متضرعين إلى الخالق - سبحانه - أن يحمي بلادنا وقيادتنا من كل سوء، شاكرين فضله ومنه علينا بوافر خيره العميم.
وكل عام ووطننا وأنتم بخير.

إنشرها