Author

المملكة والتميز في خدمة ضيوف الرحمن‎

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

الحج هو الركن الخامس العظيم من أركان الإسلام يجتمع فيه ما لا يجتمع في غيره من العبادات فهو عبادة بدنية مالية يبذل فيها الإنسان مجهودا بدنيا وينفق ماله لإتمام شعيرة الحج وعلى مدى قرون كان الحج من العبادات التي بها مشقة عالية لذلك جعله الله واجبا على من استطاع إليه سبيلا فقط من المسلمين.
منذ أن وطئت قدم إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- هذا المكان العظيم البيت الحرام مكة المكرمة والناس تأتي من كل بقاع الدنيا للوصول إليه طاعة لله سبحانه وتعالى، فهو أعظم مكان على وجه الأرض ومن حكمته سبحانه أن جعل رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- تبدأ من هذا المكان العظيم لتكون نورا للعالم وتعاقب على إدارة هذا المكان عملا لخدمة هذا البيت أبناء هذه الجزيرة المباركة، وكانوا يتفاخرون بخدمة ضيوف الرحمن طمعا في رضا الله وشكرا له سبحانه على هذا الشرف العظيم الذي من به على هذه الأرض أن بارك فيها في مكة ومدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذه الأيام العظيمة تشهد هذه البلاد المباركة عملا كبيرا وجهودا جبارة خدمة لضيوف الرحمن امتدادا لما توارثته عن خيرة من أدار هذه البلاد من الحرص على راحة ضيوف الرحمن والعمل على تحسين هذه الخدمات، حيث يشعر الحاج بأنه في كل تجربة يشهد شيئا جديدا فيما يتعلق بتطور الخدمات وأسلوب تقديمها له، وقد شهد هذا العام مبادرة طريق مكة لبعض الدول الإسلامية لتسهيل دخول الحاج إلى المملكة من خلال إنهاء جميع خدماته قبل وصوله إلى مطار الملك عبدالعزيز في جدة ليدخل وكأنه وصل من رحلة داخلية في بلاده وهذه التجربة لا تجدها شائعة عالميا فهي نموذج متميز لخدمة حجاج بيت الله، واتخاذ جميع ما يلزم لتسهيل وصولهم إلى الديار المقدسة.
المملكة هذا العام جندت ما لا يقل عن 350 ألف شخص من مختلف القطاعات الحكومية سواء في الصحة أو القطاعات الأمنية المختلفة أو قطاع التعليم والجمارك والأمانات والشؤون الإسلامية ومختلف القطاعات، حيث إن ذلك يعني أن هناك شخصا في خدمة سبعة أو ثمانية حجاج، هذا بخلاف من يقدمون الخدمات من القطاعات غير الربحية والخيرية والوقفية، إضافة إلى الخدمات المتميزة من القطاع الخاص مثل قطاع الاتصالات والنقل وغيرهما بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الخدمات من النادر أن تتوافر لمجموعة من الأشخاص لتيسير أمور عبادتهم حتى إن هؤلاء يمارسون أعمالهم بصورة متواصلة حيث يجد الحاج الخدمات مكتملة طيلة اليوم لا تنقطع عن أي زائر لبيت الله، وقد شهدت الفترات الماضية مجموعة من الخدمات العلاجية لكثير من الحجاج وكأنها تتم في أرقى المستشفيات من خلال أفضل الأطباء والممارسين في القطاع الصحي رغم صعوبة ودقة تلك الخدمات، ولا شك أن هذه الخدمات الراقية من الصعب أن تجدها في مكان ما حول العالم، وهذا يؤكد حجم الاهتمام الكبير الذي يحظى به ضيوف الرحمن من قبل المخلصين في هذه البلاد المباركة حكومة ومواطنين.
لا شك أن الحج هو موسم عظيم يتوق كل مسلم إلى أن يؤديه ومشاعر السرور والروحانية لا تنفك عن قاصدي البيت الحرام، وتطور الخدمات جعل من هذا الموسم صناعة وتجربة فريدة يمكن أن يستفيد منها العالم في التعامل مع هذه الأعداد الهائلة ليس فقط في تنظيمها وترتيب حركتها بل حتى في إيجاد انطباع عام إيجابي ومريح بسبب اليسر والسهولة في توفير الخدمات للجميع من مختلف دول العالم دون تمييز أو تفرقة بينهم.
الخلاصة: إن الأعمال التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والقطاعات المختلفة في خدمة ضيوف الرحمن قاصدي بيته العتيق جعلت من هذه المناسبة عملا يرتسم في ذاكرة كل من يزور هذه الديار المقدسة إضافة إلى رقي الخدمات المقدمة الذي جعل الجميع يعيش روحانية هذه المناسبة العظيمة ويتفرغ لكل صور العبادة دون مشقة أو تعب، وهذا لم يكن ليتم بهذه الطريقة دون توفيق من الله ومن ثم جهود ولاة الأمر ومتابعتهم كل التفاصيل ومشاركتهم في ذلك إضافة إلى مجموعة من المخلصين من أبناء هذا الوطن الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى بالحرمين الشريفين.

إنشرها