FINANCIAL TIMES

«ألفابت» تتربع على العرش النقدي على حساب «أبل»

«ألفابت» تتربع على العرش النقدي على حساب «أبل»

بات لدى عالم الشركات زعيم نقدي جديد، فقد انتقل لقب الشركة التي تملك أكبر احتياطيات مالية، وتحتفظ به شركة أبل منذ عقد من الزمان، إلى الشركة الأم لشركة جوجل، أي شركة ألفابت، وفقا للأرقام الصادرة في الأيام الأخيرة.
يأتي التحول في القيادة في أعقاب جهود متضافرة بذلتها الشركة الصانعة لأجهزة آيفون لتقليل احتياطياتها من السيولة، بعد ست سنوات من تعرضها لأول مرة لضغوط من كارل إيكان المستثمر الناشط، لتوزيع مزيد من أموالها النقدية.
انخفضت حيازات شركة أبل من النقد والأوراق المالية القابلة للتسويق، بعد خصم الديون إلى 102 مليار دولار، أي أقل من ذروتها البالغة 163 مليار دولار في نهاية عام 2017.
من جهة أخرى، فإن احتياطيات شركة ألفابت المالية كانت تتحرك في الاتجاه المعاكس. عند 117 مليار دولار، ارتفعت حصيلتها النقدية بنحو 20 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
ارتقاء الشركة الأم لـ"جوجل" إلى قمة تصنيفات سيولة الشركات يضع ثروتها وقوتها على شاشة واضحة، في لحظة حساسة من الناحية السياسية. بعد أن فُرِض عليها مبلغ 8.2 مليار يورو من غرامات مكافحة الاحتكار من قبل الاتحاد الأوروبي في العامين الماضيين، فإنها تواجه الآن تدقيقا مكثفا في واشنطن.
تفضيل الشركة تكديس أموالها وإنفاقها على محاولة اقتحام أسواق جديدة، بدلا من مكافأة المساهمين بإعادة الشراء أو توزيع أرباح الأسهم، كما فعلت شركة أبل، يثير استياء بعض المستثمرين أيضا.
قال والتر برايس، مدير المحافظ لدى "أليانز جلوبال انفستورز"، "بشكل عام لم تنجح محاولاتهم لإعادة اختراع أنفسهم بمبادراتهم الجديدة. أتمنى أن يعيدوا مزيدا من النقود إلى المساهمين وأن يهدروا أموالا أقل".

سيولة أكثر من اللازم
تراكمت النقدية في شركة ألفابت على الرغم من زيادة الإنفاق الرأسمالي. عند 25 مليار دولار في العام الماضي - بارتفاع من نحو 13 مليار دولار في عام 2017 - كان كثير من الأموال يتدفق على العقارات، حيث أضافت شركة جوجل إلى حيازات مكاتبها في مدن مثل نيويورك، وأنشأت مراكز بيانات لدعم أعمالها المتنامية في مجال الحوسبة السحابية.
كانت روث بورات، كبيرة الإداريين الماليين في المجموعة تبذل قصارى جهدها للتقليل من أهمية الاستثمارات العقارية، مؤكدة أن هذا حدث لمرة واحدة، وأن 70 في المائة من الإنفاق الرأسمالي يذهب في الربع العادي إلى الخوادم وغيرها من المعدات الجديدة.
قال يوسف سكوالي، المحلل في "صن تراست روبنسون همفري"، "إن البنية التحتية لدعم الذكاء الاصطناعي التي كانت شركة جوجل تبنيها تتطلب طنا من القوة الحسابية".
وأضاف أنه "مثل بعض شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، فقد شهدت زيادة في الإنفاق على تعلم الآلة من خلال إيرادات أعلى مباشرة. وقد ترك ذلك "وول ستريت" مرتاحة بشكل عام مع زيادة الإنفاق".
في مناطق خارج نطاق عمل شركة جوجل الأساسي، تظل الشكاوى قائمة. تُولَّد أموال شركة ألفابت بالكامل من خلال نشاطها الإعلاني على شبكة البحث، الذي تم استكماله بنمو قوي من خلال خدمة فيديو يوتيوب عبر الإنترنت.
في المقابل، يُعتقد أن أعمال شركة جوجل الأخرى - مثل الحوسبة السحابية والهواتف الذكية والأتمتة المنزلية - تستهلك النقدية.
فقدت شركة ألفابت أيضا 15 مليار دولار في السنوات الست منذ أن بدأت عمليات الإفصاح عن أقسامها الأخرى إلى جانب شركة جوجل، وهو ما وصفته بـ"الرهانات الأخرى"، بدءا من وحدة وايمو للسيارات من دون سائق إلى قسم فيريلي للرعاية الصحية.
قال برايس "إن شركة جوجل فعلت ما يكفي "لتخفيض" الحوسبة السحابية، حيث تطارد شركة خدمات الويب في كل من شركتي أمازون ومايكروسوفت الرائدتين في السوق"، على أنه أضاف أنه "ليس لها تأثير يذكر في اقتحام الأسواق الأخرى".
عمليات إعادة
شراء متزايدة
حتى الأسبوع الماضي، برزت شركة ألفابت أيضا بين شركات التكنولوجيا الكبرى لعدم اتخاذها موقفا أكثر نشاطا بشأن إعادة الأموال إلى المساهمين، بعد إقرار الإصلاح الضريبي الأمريكي في نهاية عام 2017.
طبق القانون الجديد معدل ضريبة فوريا - وإن كان مخفضا - للاحتياطيات النقدية للشركات في الخارج، في عملية لإزالة الحافز للاحتفاظ بالمال بدلا من البدء في دفعه.
استجابت شركة أبل لهذا التغيير من خلال إنفاق 122 مليار دولار على إعادة شراء الأسهم، ودفع أرباح الأسهم في الأشهر الـ18 الماضية.
من بين الشركات الأخرى التي تنبش عن المال شركة سيسكو سيستمز التي خفضت موجوداتها النقدية من 35 مليار دولار في ظل قانون الضرائب الجديد، إلى 11 مليار دولار فقط.
لقد كانت عمليات إعادة شراء أسهم شركة ألفابت ضئيلة. خلال نحو أربع سنوات منذ أن بدأت بإعادة شراء أسهمها، أنفقت الشركة ما معدله 1.7 مليار دولار فقط في كل ربع.
في ذلك الوقت، وزعت مزيدا من الأسهم الجديدة على شكل فوائد أسهم الموظفين أكثر من إعادة الشراء من خلال برنامجها لإعادة الشراء.
نتيجة لذلك، لم تفعل المدفوعات شيئا لرفع أرباحها للسهم - وهو السبب الذي يجعل المستثمرين يرحبون عموما بإعادة الشراء.
يمكن أن تكون الأمور على وشك التغيير. في الأسبوع الماضي قالت شركة ألفابت "إن مجلس إدارتها أضاف 25 مليار دولار إلى برنامج إعادة شراء الأسهم، ما يرفع مجموع أذونات إعادة الشراء الجديدة إلى 37.5 مليار دولار، منذ بداية هذا العام".
قالت بورات "إن هذه الزيادة ليست دلالة على أي تغيير في الأولويات المالية لشركة ألفابت، وإن الهدفين الرئيسين للشركة لم يتغيرا: الاستثمار في النمو طويل الأجل لأعمالها الحالية، ودعم عمليات الاستحواذ".
مع ذلك، أسهمت هذه الخطوة في انتعاش قوي لسعر السهم في اليوم نفسه الذي سجلت فيه الشركة أيضا انتعاشا في نمو الإيرادات، ما أدى إلى تبديد المخاوف بشأن تباطؤ حاد طويل الأمد في أعمالها الإعلانية.

جبل من النقدية .. فما العمل؟

حتى ارتفاع معدل عمليات إعادة الشراء قد لا يحد من النمو في جبل “ألفابت” النقدي.
قال جورج سالمون، المحلل في “هارجريفز لانسداون”، “إنه من المتوقع أن يصل التدفق النقدي الحر لدى الشركة هذا العام إلى 30 مليار دولار، ليرتفع إلى نحو 40 مليار دولار العام المقبل”.
وقال “إن نوايا إعادة الشراء الجديدة لا تمثل تغيرا قويا بشكل كبير بما يكفي لتقليل احتياطيات الشركة الإجمالية فعليا”.
يعتمد عديد من المستثمرين الآن على الزيادة المطردة في عمليات إعادة شراء الأسهم في شركة ألفابت، في الوقت الذي يستمر فيه نشاط الإعلان في النضج، تماما كما استجابت شركة أبل لنهاية النمو في أحجام أجهزة آيفون، مع بذل مزيد من الجهود لتوزيع أموالها النقدية.
أحد الطرق المحتملة لاستخدام الأموال – عمليات استحواذ - تبدو أقل ترجيحا بالنظر إلى الخلفية التنظيمية، وفقا لبعض المستثمرين.
وقال جيم تيرني، كبير إداريي الاستثمار في شركة أليانس برنشتاين “ستهتم الحكومة الأمريكية بمسألة عمليات الاندماج والشراء، من خلال جعل عملية إبرام الصفقات أكثر صعوبة”.
وأضاف أنه “إلى جانب النضج المتزايد في الأعمال الأساسية، من المحتمل أن يجعل ترخيص إعادة الشراء بقيمة 25 مليار دولار الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي مجرد غيض من فيض”.
شركة فيسبوك، التي تمتلك أقل من نصف تلك الاحتياطيات النقدية، حوّلت أفكارها إلى توزيع مزيد من أموالها الفائضة، حيث تفوقت بشكل كبير على شركة جوجل العام الماضي، من حيث الإنفاق على عمليات إعادة شراء الأسهم.
“ستصبح هذه آلية التدفق النقدي الحر في ظل عدم وجود مواضع لاستثمارها أو إنفاق أموالها، إلا على عمليات إعادة الشراء”.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES