default Author

بقرة كاسترو

|


استطاعت أمريكا مع طول حصارها لكوبا أن ترسم لها صورة نمطية هي تريدها، فأصبح كل من يسمع كوبا أول ما يخطر بباله السيجار الكوبي وعالم الجريمة والثورات رغم أن كوبا اشتهرت بأشياء عديدة منها السيارات القديمة ورجالها المسنون الذين يرتدون القبعات البيضاء وتعدد ثقافاتها ومحاصيلها الزراعية ليس فقط التبغ بل السكر حتى إن معنى كوبا الخير الوفير أو المكان العظيم.
وما لا يعرفه كثيرون أن منتجات الألبان خصوصا المثلجات أو الـ"أيس كريم" جزء لا يتجزأ من الثقافة الكوبية مثلها مثل سيجار (كوهيبا) الذي حرص كينيدي الرئيس الأمريكي على طلب شراء 1200 منه قبل ساعات من توسيع الحظر التجاري ليشمل السلع الاستهلاكية ومنها السيجار الكوبي عام 1962، هذا الشغف دفع المؤرخين إلى مراقبة حالة المثلجات الكوبية على مر السنين حيث لاحظوا أن التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدتها دولة كوبا في القرن الـ20 من الثورة إلى التحول الحديث أثرت في حالة المثلجات، أي إن قصة المثلجات الكوبية هي قصة كوبا نفسها.
كل ذلك بسبب الزعيم فيدل كاسترو الثوري الشيوعي الذي سيطر على كوبا بعد انقلاب عنيف عام 1959 وبقي في السلطة فترة أطول من أي زعيم غير ملكي في العصر الفيكتوري حيث كان مهووسا بالمثلجات ورغم كرهه للولايات المتحدة إلا أنه كانت له شحنته الخاصة من "أيس كريم" (يانكي) حيث طلب من سفيره في كندا إرسال 28 حاوية من مثلجات "هوارد جونسون" وهي أكبر سلسلة مطاعم في أمريكا في ذلك الوقت بعد بداية الحظر الفعلي، حبه هذا دفع المخابرات الأمريكية إلى محاولة دس دواء له في طبقه اليومي من الـ"أيس كريم" لتسميمه ومن حسن حظه أن الدواء يتلف عند إخراجه من مكان تخزينه إلى التجميد.
وبعد توليه الحكم حول هوسه بالمثلجات إلى سياسة عامه للبلاد وسعى إلى إنتاج "أيس كريم" يتفوق على مثلجات "يانكي" الأمريكية معتمدا على خبرته وشغفه ومع مرور الوقت اعتمدت كوبا على صناعة منتجات ألبان صحية تدعم حكم كاسترو، حتى إنه وقع خلاف بينه وبين دبلوماسي فرنسي بسبب عدم اعترافه بتفوق الجبن الكوبي على نظيره الفرنسي.
لذلك أولى الأبقار عناية خاصة وحاول إنتاج أفضل أنواعها المنتجة للحليب بتهجين الأبقار الكوبية مع الكندية ونتج عنها أبقار (الأوبرا بلانك) التي تحظى برعاية أمنية وصحية وتحلب على أنغام الموسيقى. وكانت لديه بقرة مفضلة تدعى (الضرع الأبيض) لوفرة حليبها لدرجة أنها سجلت في موسوعة جينيس لإنتاجها 110 لترات من الحليب في اليوم الواحد واعتبرت وفاتها حدثا شعبيا احتل صفحات الصحف الأولى وعمل لها تمثال من الرخام لتخليد ذكراها وتم استنساخها عام 2002!.

إنشرها