Author

قناة الخبول

|


ينصح كثير من خبراء علم النفس والاجتماع بالابتعاد عن مصادر الأخبار السيئة خصوصا حين يكون الشخص متأزما نفسيا ففي هذه الحال يحتاج إلى القيام بأمور تبعث على المرح والتفاؤل في نفسه وتطرد السلبية والإحساس بالحزن و"الغلقة" في حدود الإمكانات المتاحة له مهما كانت بسيطة في الحياة، مثل الخروج في نزهة بسيطة تعيد إليه شيئا من صفاء ذهنه أو المشي في حديقة الحي أو "الفضفضة" لصديق، أو تناول القهوة في مكان مفتوح يتيح له مشاهدة الآخرين، لكن والدتي تختلف جذريا عن الآخرين حيث إن متابعة الأخبار السياسية تمنحها الراحة التي تنشدها.
قبل كل مرة تزورني والدتي الغالية في منزلي لتقيم عندي عدة أيام هناك أمر أساس علي القيام به والتأكد منه تماما حتى لا أثير غضبها، وهو تفقد جميع القنوات الإخبارية الفضائية والتأكد من قوة إشارتها وأنها تشتغل "تمام التمام"، فوالدتي رغم أنها لا تقرأ ولا تكتب إلا أنها سياسية من الطراز الأول فهي تحفظ أسماء جميع رؤساء الدول ووزراء الخارجية وتعلم سياسات الدول الداخلية والخارجية، وتهتم بالأزمات السياسية والنزاعات الإقليمية والمشكلات الداخلية للدول ولا يكاد يفوتها مؤتمر خليجي أو عالمي، وهي نتشرف بزيارتها فعلينا جميعا أن نتحول مثلها لمحللين سياسيين رغم أننا في السياسة "ما نعرف كوعنا من بوعنا".
حاولت مرارا وتكرارا أن أخفف من هوسها السياسي خوفا عليها من ارتفاع الضغط والسكري خصوصا في هذا الوقت المحتقن سياسيا، لكن ذهبت محاولاتي أدراج الرياح ..!
ولذلك حين يطفو حدث سياسي ما على السطح أو تبرز مشكلة دولية فإننا لا نعرفها إلا من الوالدة "ربي يطول بعمرها"، هذه الخبرة السياسية طوال السنين المنصرمة منحت والدتي كثيرا من المعرفة والفهم لما يجري. في إحدى زياراتها الميمونة كانت تقلب بين القنوات الإخبارية فوقعت عينها على قناة الجزيرة، فنظرت لي بدهشة وهي تقول: "وشوله تاركين هالقناة ما حذفتوها"، أخبرتها أننا لا نتابع أي قناة إخبارية فضلا عن متابعتنا لهذه القناة التي تفتقد المهنية الإعلامية، فقالت "هذي قناة الخبول، اللي ما عندهم شغلة ولا مشغلة إلا السعودية، الله يقلعهم هم وقناتهم احذفيها".
قناة الجزيرة التي أصبحت مجرد بوق للفتن والأكاذيب المرجفة أصبح حذفها فعلا مطلبا وطنيا.
كل هذا العداء والنباح وتشويه الحقائق الذي تقوم به هذه القناة ضد وطننا يجعلنا نؤمن أن حذف هذه القناة مطلب وطني، إكراما لوطني ثم والدتي حذفنا "قناة الخبول".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها