FINANCIAL TIMES

شباب منطقة اليورو يواجه منفردا إحباطات ازدواجية السوق

شباب منطقة اليورو يواجه منفردا إحباطات ازدواجية السوق

على الرغم من استمرار التوسع الاقتصادي طوال أكثر من خمسة أعوام في منطقة اليورو، إلا أن الشباب في الكتلة الاقتصادية الأكبر في العالم، لا يزال يعاني معدلات البطالة المرتفعة، والعمل غير المستقر، ونقص العمالة، والتقاعس، كما يظهر تحليل إحصاءات سوق العمل الأوروبية.
ظاهريا وللوهلة الأولى، تحسنت الحالة العامة للعاملين الأوروبيين بشكل ملحوظ، منذ بدء التوسع الاقتصادي الحالي في عام 2013 –بحيث عاد معدل البطالة إلى أقل من 8 في المائة، فيما أثبت نمو الأجور مرونته.
وتكمن وراء الإحصائيات الرئيسة الحقيقة المرة خلال العقد الماضي، نجاح منطقة اليورو في إطلاق سوق عمل مزدوجة ثنائية المستوى، بحيث يواجه الشباب، بوجه خاص، بيئة عمل مليئة بالتحديات.
قال جيمس نيكسون، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في شركة أكسفورد إيكونوميكس، لقد فشلت أوروبا في إصلاح "بيئة الأعمال الصلبة".
ذاك الوضع يصلح للعاملين في الوظائف، لكنه أمر صعب للغاية بالنسبة إلى أولئك الذين يحاولون الحصول عليها".
وقال جوليان سكولا، المتحدث باسم اتحاد نقابات عمال الاتحاد الأوروبي، "الانتعاش الاقتصادي يعد خرافة، بالنسبة إلى عديد من الشباب".
استمرار ارتفاع بطالة الشباب
على الرغم من أن منطقة اليورو كانت تشهد توسعا اقتصاديا مستمرا على مدار الأعوام الستة الماضية، إلا أن بطالة الشباب ظلت على ثبات.
وتبلغ نسبة الذين تراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما ويعانون البطالة نحو 16 في المائة، أي ضعف معدل البطالة لعامة بقية فئات السكان العمرية.
هذا يعني أن نحو 2.3 مليون شخص دون سن 25 عاما في جميع أنحاء القارة، باتوا غير قادرين على العثور على وظيفة.
تتركز البطالة بشكل خاص في اقتصادات البلدان الطرفية في منطقة اليورو، التي أثرت فيها الأزمة، من قبل، بشدة.
أكثر من 30 في المائة من الشباب القادرين عاطلون عن العمل في أسواق العمل الأضعف مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان.
بحسب نادية غربي، الخبيرة الاقتصادية في شركة بيكتيت، فإن ارتفاع معدل البطالة بين الشباب في منطقة اليورو، "يمثل خسارة كبيرة للقدرة الإنتاجية" وهي حالة تزيد من احتمالية "معاناتهم الفقر واستبعادهم اجتماعيا، طوال حياتهم".

العمال الشباب أكثر عرضة للمخاطر
كان العمال الشباب في منطقة اليورو أول من خسروا وظائفهم خلال الأزمة الاقتصادية، في العقد الماضي.
ارتفعت بطالة الشباب بوتيرة أسرع من بطالة بقية فئات السكان، على وجه العموم، وبلغت ذروتها عند 25 في المائة في أوائل عام 2014 - أي بنحو 13 نقطة مئوية أعلى من المعدل الإجمالي للبطالة، في منطقة العملة الموحدة.
ولا تزال المشكلة مستمرة منذ ذلك الحين. يقول ستيفانو سكاربيتا، مدير التوظيف والعمل والشؤون الاجتماعية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أوسيد"، إنهم لا يجدون صعوبة في العثور على عمل فحسب، بل من أن "فصلهم عادة ما يكون أقل تكلفة بالنسبة إلى المخدمين" أيضا.
وأضاف: "هذا مع الأسف يوجد حوافز لأصحاب العمل، الذين يحتاجون إلى الحد من القوى العاملة لإقالتهم".
ونتيجة لذلك "من المرجح أن يشكل التباطؤ الملحوظ في الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة عبئا ثقيلا عليهم".

أغلبية الشباب العاطل «خاملون»
على الرغم من أن معدلات البطالة لا تزال مرتفعة، إلا أنها لا تعكس المدى الكامل لتحديات سوق العمل التي يواجهها الشباب. أشار سكاربيتا إلى حقيقة، "أن بعض الشباب ربما لم يدخل سوق العمل حتى، في ظل فرص العمل المحدودة".
في الربع الأول من هذا العام، لم يكن نحو 3.7 مليون شخص دون سن 25 عاما في جميع أنحاء منطقة اليورو، عاملين أو ملتحقين ببرامج تعليمية أو تدريبية – وهو ما يعادل بطالة شاب من كل عشرة من شباب تلك الفئة.
الوضع أسوأ في إيطاليا، حيث إن هناك عاطلا ضمن كل خمسة شباب دون سن 25 عاما.

انتشار الوظائف غير الآمنة
حتى أولئك الشباب الذين هم على رأس العمل، عادة ما تكون ظروف عملهم غير مستقرة أكثر من أقرانهم الأكبر سنا، حيث يعمل كثير منهم بعقود مؤقتة وبدوام جزئي.
في العام الماضي، كان نصف شباب منطقة اليورو يعملون في وظائف مؤقتة، في مستويات مرتفعة تكاد تكون قياسية.
على أن 13 في المائة منهم فقط، أقروا بأنهم اختاروا الحصول على عقود مؤقتة بدلا من وظائف دائمة.
نحو واحد من كل أربعة أشخاص دون سن 25 عاما من الذين كانوا يعملون بدوام جزئي، لم يتمكنوا من العثور على وظيفة بدوام كامل طوال العام الماضي.
كان عدم القدرة على العثور على وظائف دائمة أكثر الأسباب تكرارا، ضمن التي ذكرها عاملون في منطقة اليورو، تقل أعمارهم عن 25 عاما، لقبولهم عقود وظائف محددة المدة.
في حين أن الوظيفة المؤقتة غالبا ما تعد نقطة انطلاق إلى الوظيفة الدائمة، إلا أن واحدا فقط من بين كل خمسة موظفين ممن شغلوا وظائف مؤقتة منذ ثلاثة أعوام، اتيح لهم الانتقال منذ ذلك الحين إلى وظائف دائمة.
هذا النوع من الوظائف غير الآمنة هو الأعلى في إسبانيا، حيث إن نحو ثلثي العاملين يعملون بعقود مؤقتة.
بيد أنه حتى في أسواق العمل الأكثر قوة مثل فرنسا وهولندا، فإن نحو نصف العاملين من الشباب يعملون بعقود محددة المدة.
قال نيكسون، "في فرنسا، يعد الحصول على أول وظيفة دائمة عملا شاقا بالفعل، وقد يتعين عليك العمل في وظيفتين أو ثلاث وظائف مؤقتة وغير آمنة للغاية، قبل أن تتمكن حتى من البدء في التفكير في الحصول على وظيفة دائمة".
أكثر من نصف العاملين الشباب في فرنسا كانوا قد حصلوا على عقود عمل لمدة أقل من عام في 2018، كما أن موظفا واحدا من بين كل ثلاثة موظفين، حصل على عقد تصل مدته إلى ستة أشهر، وفقا لبيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أوسيد".

الآثار الدائمة
في حين أن بلدان جنوب أوروبا هي الأكثر تأثرا، فإن الشباب في معظم الدول الأوروبية الأخرى، يجد أن سوق العمل مليئة بالتحديات بصورة مستمرة.
ألمانيا فقط هي التي لم تشهد تدهورا في نقص العمالة أو ارتفاعا في معدلات البطالة، أو الأجور المتدنية للشباب في جميع أنحاء منطقة اليورو، خلال العقد منذ الأزمة المالية.
يقول محللون إنه إذا حدث ركود اقتصادي جديد، سيكون الشباب معرضا لتحمل وطأة الصدمة مرة أخرى – بل حتى لو استمر اقتصاد القارة في النمو، فإن أثر ذلك سيبقى إلى الأبد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES