Author

الابتكارات المالية من أجل الفئات الأشد فقرا

|


لا تزال ابتكارات البنك الدولي المالية تستفيد من أحدث التقنيات لمصلحة الفئات الأشد فقرا ومعاناة وضعفا. ففي صيف عام 2018، طرح البنك أول سندات ملزمة قانونا تدار على منصة عالمية لقواعد البيانات المتسلسلة، تدعى Bond-i، حيث يتميز إصدار السندات على قواعد البيانات المتسلسلة وغيرها من تقنيات السجل العام الموزع، بكونه أبسط وأسرع، ويزيد الإنتاجية، ويحد من التكاليف والمخاطر.
لكن ابتكارات مجموعة البنك الدولي لم تقتصر على التمويل. فعلى مدى عقود، توسع البنك في جمع معلومات عن التنمية وتحليلها وعرضها. ومن أمثلة ذلك تقرير ممارسة أنشطة الأعمال السنوي، الذي يصنف البلدان بناء على بيئة أنشطة الأعمال بها، بما في ذلك النظام الضريبي، وقانون العقود، واللوائح المنظمة لإنشاء المشاريع. وخلال 15 عاما، كان تقرير ممارسة أنشطة الأعمال مصدر إلهام لأكثر من 3180 إصلاحا. ومن الأمثلة الأخرى، تقرير عن التنمية في العالم، الذي يبين منذ عام 1978 مدى أهمية النمو الاقتصادي، والاستثمار في مجال الصحة، والتصدي لتغير المناخ وانعدام المساواة بين الجنسين، والقصور في عملية التعلم، وطبيعة العمل المتغيرة، في التخفيف من حدة الفقر في جميع أنحاء العالم.
ومثال ثالث، هو التقرير الذي يصدره البنك تحت عنوان المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، وهو تحليل عالمي للقوانين واللوائح التنظيمية التي تؤثر في قدرة المرأة على المشاركة بشكل كامل في الاقتصاد. ويتضمن تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2019 مؤشرا جديدا يعطي نظرة متعمقة عن العقبات، التي تواجهها المرأة في التشغيل، وريادة الأعمال، والاندماج التام في الاقتصاد، وتأثير هذه العقبات في النتائج الاقتصادية. وقد وجد البنك من خلال تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، أن تصنيفات البلدان من شأنها أن تضع البيانات والشواهد أمام الزعماء وتستدعي اهتمامهم. كما نستعين أيضا بمؤشر رأس المال البشري، الذي طرح العام الماضي، لقياس رأس المال البشري بطريقة موضوعية في كل بلد، وإظهار ما يمكن أن تكون عليه إنتاجية العمال، لو تمتعوا برعاية صحية كاملة، وتعلم ناجح، والمهارات اللازمة للمنافسة في الأنشطة المدرة للأرباح. ويعد تحسين رأس المال البشري أمرا بالغ الأهمية في التخفيف من حدة الفقر، وتعزيز الرخاء المشترك. وقد رصد البنك الثروة في 141 بلدا، على مدى عقدين عن طريق تجميع رأس المال الطبيعي "مثل المعادن والغابات"، ورأس المال المنتج "مثل البنية التحتية والمباني"، وصافي الأصول الأجنبية. وفي العام الماضي، أدرجنا للمرة الأولى رأس المال البشري في هذه الحسابات، وقدرنا أن أكثر من ثلثي ثروة جميع الأمم تكمن في رأس المال البشري. وإدراكا من مجموعة البنك الدولي لمدى تعقد التنمية، فقد وسعت كذلك نطاق خبراتها الداخلية بما يتجاوز محور التركيز المبكر على التمويل والبنية التحتية. ففي عام 1970، قام البنك بتعيين جيمس لي كأول مستشار بيئي، وعلى مدى العقد التالي استقدم مايكل سيرنيا، أول اختصاصي اجتماعي؛ وجلوريا سكوت، أول مستشارة معنية بدور النساء في التنمية، وجلوريا ديفيس، أول اختصاصية في علوم الإنسان في البنك. وهذا النهج الجامع بين عدة تخصصات، الذي يتبعه البنك الدولي إزاء التنمية يعد ضروريا في ظل تركيز المؤسسة على مهمة جديدة لا تزال على القدر ذاته من الإلحاح إلى يومنا هذا.
في خريف عام 1973، أدخل روبرت ماكنمارا، الرئيس الخامس للبنك الدولي، إلى الوعي الدولي كلمة خلت منها اتفاقية تأسيس البنك، وهي الفقر. ففي كلمته أمام المساهمين في اجتماعات البنك السنوية في نيروبي في كينيا، ذكر ماكنمارا، أن رسالة البنك ينبغي أن تتمثل في التخفيف من "الفقر المدقع"، الذي وصفه بأنه "حالة معيشية متدنية إلى درجة مهينة للكرامة الإنسانية، ومع ذلك، فهي من الشيوع بحيث تطول ما يقرب من 40 في المائة من الأفراد في البلدان النامية".
وقد طرح على المساهمين سؤالا، "ألسنا نحن الذين نتسامح مع هذا الفقر، في وقت نحن قادرون فيه على خفض أعداد المتضررين منه، وفشلنا في الوفاء بالالتزامات الأساسية التي قبلها الإنسان المتحضر منذ فجر الزمان؟".

إنشرها