FINANCIAL TIMES

الصين تتطلع إلى مستهلكيها لمساعدتها على الحرب التجارية

الصين تتطلع إلى مستهلكيها لمساعدتها على الحرب التجارية

في المنافسة بين الصين والولايات المتحدة حول أي دولة منهما يمكنها الصمود بشكل أفضل أمام تداعيات الحرب التجارية بينهما، تتطلع بكين إلى مستهلكيها لحماية اقتصاد البلاد من التدهور.
أظهرت أرقام صدرت هذا الأسبوع أن الناتج المحلي الإجمالي للصين انخفض إلى 6.2 في المائة في الربع الثاني، وهو أدنى معدل منذ عام 1992، عندما اعتمدت البلاد طريقتها الحالية لحساب الناتج المحلي الإجمالي.
كانت البيانات ستكون أسوأ لولا الاستهلاك المحلي المزدهر. لكن الاقتصاديين قلقون بشكل متزايد بشأن المدة التي يمكن أن يستمر فيها النمو القوي في الطلب المحلي.
قال روبن شينج، كبير اقتصاديي الصين في مورجان ستانلي: "يتمثل التأثير المباشر للتوترات التجارية في التباطؤ في طلبات التصدير، لكن التأثير غير المباشر ربما يكون أكثر أهمية، وهو التأثير في ثقة الشركات. قد تؤخر الشركات النفقات الرأسمالية. ستواجه سوق العمل ضغوطا وسيؤثر ذلك في إنفاق المستهلكين".
النزاع التجاري الذي رفع فيه الجانبان التعرفات الجمركية على واردات بمليارات الدولارات، أضر فعليا بالأعمال التجارية في أكبر اقتصادين في العالم. في الولايات المتحدة واجه المستوردون الذين يعتمدون على المواد والسلع الصينية الرخيصة ارتفاعا في الأسعار يصل إلى 25 في المائة على جميع المنتجات الصينية، بداية من أجزاء الطائرات إلى الأسماك المجمدة.
وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ عانى المصنعون الصينيون انخفاضا في طلبات التصدير التي تراجعت 1.3 في المائة في حزيران (يونيو) مقارنة بالعام السابق، في علامة واضحة على أن التعرفات الجمركية بدأت في التأثير.
السؤال للنصف الثاني من العام هو: أي البلدين يمكنه الصمود فترة أطول في الوقت الذي يستمر فيه النزاع؟ لا تزال أرقام التوظيف قوية في الولايات المتحدة، حيث أضاف الاقتصاد مزيدا من فرص العمل في حزيران (يونيو) أكثر مما كانت عليه في أي شهر هذا العام. تفاخر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على تويتر بأن الشركات تفر من الصين لتتجنب التعريفات الجمركية. حتى أنه سخر من نظيره الرئيس الصيني، شي جين بينج، وقال إن الولايات المتحدة ليست في عجلة من أمرها للتوصل إلى اتفاق. في غضون ذلك، سجلت الصين استهلاكا محليا قويا في حزيران (يونيو). ارتفع معدل مبيعات التجزئة إلى 9.8 في المائة، وبهذا تكون قد تجاوزت توقعات معظم المحللين وسجلت ارتفاعا قويا بعد أن كان المعدل 8.6 في المائة في أيار (مايو). كذلك ظل نمو قطاع الخدمات مستقرا في النصف الأول من العام، بتسجيله نموا بلغت نسبته 7 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا للبيانات الصادرة يوم الثلاثاء.
لكن اقتصاديين يقولون إن الأرقام الرئيسية القوية أخفت مواطن الضعف الكامنة. مبيعات التجزئة، مثلا، كانت تقودها مبيعات السيارات التي تلقت دعما قويا من الحسومات خلال الشهر. في الوقت نفسه، معظم الجوانب الأخرى من الاستهلاك في قطاع التجزئة في البلاد، بما في ذلك العقارات، كانت بطيئة.
وبحسب مارسيلا تشاو، استراتيجية الأسواق العالمية لدى "جيه بي مورجان" لإدارة الأصول "يجب أن ننتظر حتى الشهر المقبل لنرى ما إذا كانت الأرقام الخاصة بسوق السيارات ستصمد".
كان نمو قطاع الخدمات أقل وعدا من الرقم الرئيسي المقترح. جوليان إيفانز بريتشارد، كبير اقتصاديي الصين في "كابيتال إيكونوميكس" في سنغافورة، لاحظ أن النمو في الخدمات المالية كان هو المحرك الرئيسي في الربع الثاني من العام.
هذا يعني أن النشاط في شركات الأوراق المالية في الصين، وليس في مجالات أخرى مثل الطلب على الإسكان، هو الذي كان يدعم ذلك النمو.
قال: "هذا هو الدعم في الوقت الحالي، لكنه لن يكون بالضرورة شيئا سأعتمد عليه إذا كنت الحكومة الصينية"، مشيرا إلى أن أي تعطيل لأداء سوق الأسهم الصينية القوي حتى الآن هذا العام يمكن أن يقضي بسرعة على المكاسب من نشاط قطاع الخدمات المالية. ارتفع مؤشر CSI 300 لأسهم الشركات الكبرى المدرجة في شنغهاي وشينزن 28 في المائة تقريبا هذا العام.
قال يوي يوان، الخبير الاقتصادي في "تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن" في بكين، إن دخل المستهلك يرتبط ارتباطا وثيقا بالإنتاج الصناعي في الصين بسبب عدد الأشخاص العاملين في القطاع الصناعي.
حتى الآن، أثبت الإنتاج الصناعي مرونته، إذ نما 6.3 في المائة في حزيران (يونيو) مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
أضاف يوي: "لقد رأينا بعض التأثير من النزاع التجاري في الإنتاج الصناعي، لكن لم يكن له تأثير كبير في العمالة". لكن إيفانز- بريتشارد حذر من أن أي تأثير من الحرب التجارية في الصناعات التحويلية الموجهة للتصدير سينعكس في نهاية المطاف على فرص العمل في المصانع وقدرة المواطن الصيني العادي على الإنفاق. "هناك كثير من حلقات ردود الفعل المفرغة" التي تربط التجارة مع العمالة والاستهلاك المحلي في الصين. للتصدي لهذه الآثار، تدخلت الحكومة بشكل مباشر في الاقتصاد من خلال اتخاذ تدابير تحفيزية، مثل موجة قياسية للإنفاق على مشاريع البنية التحتية في بداية هذا العام. استمر هذا مع زيادة إصدار السندات الحكومية الخاصة. ارتفع إجمالي التمويل الاجتماعي، وهو مقياس واسع لنمو الائتمان في الصين، في حزيران (يونيو) - في إشارة إلى أن القادة في بكين سيلجأون إلى مزيد من النمو الذي يغذيه الدين حتى نهاية عام 2019. أشار يوي إلى أن السياسات المحلية الأخرى، مثل تخفيض ضريبة القيمة المضافة بدرجة كبيرة، من المقرر أن يتم تنفيذها في النصف الثاني من العام. لم يتم بعد إثبات فعالية تلك السياسات. قال: "علينا أن ننتظر ونرى".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES