FINANCIAL TIMES

فوز جونسون ينقل أقطاب «العمودية» إلى «10داوننج ستريت»

فوز جونسون ينقل أقطاب «العمودية» إلى «10داوننج ستريت»

فوز جونسون ينقل أقطاب «العمودية» إلى «10داوننج ستريت»

يتم تقسيم ما تبقى من فريق حملة بوريس جونسون لتزعم حزب المحافظين، وبالتالي شغل منصب رئيس وزراء بريطانيا إلى ثلاثة مخيمات، مع توترات حتمية فيما بينها عندما يبدأ الخلاف حول من سيشغل الأدوار الرئيسية في حكومة جونسون– وفي الطاقم الخلفي في مقر الرئاسة– إذا حقق النجاح وأصبح رئيسا للوزراء.
أولا هناك أصحاب المسيرة الطويلة، الذين دعموه سياسيا قبل استفتاء «بريكست»، وساعدوه على محاولته الفاشلة لقيادة الحزب في عام 2016. هذه المجموعة تشمل أعضاء البرلمان من حزب المحافظين جيك بيري وبين والاس وكونور بيرنز.
ثم إن لدى جونسون طاقمه في قاعة المدينة: وهم المساعدون والسياسيون، الذين عملوا معه أثناء توليه منصب عمدة لندن لفترتين.
عدد من هؤلاء هم الآن أعضاء في البرلمان، ولا سيما وزير «بريكست» جيمس كليفرلي ووزير الإسكان كيت مالتهاوس. من المتوقع أن ينضم إليه آخرون في مقر الرئاسة، بما في ذلك رئيس الأركان السابق إدوارد ليستر.
يؤكد جونسون أنه إذا أصبح رئيسا للوزراء، سيبني فريقا عالي المستوى حوله على غرار عمليته في قاعة المدينة، محاولة لطمأنة النقاد، الذين يخشون أنه سيعاني من أجل التفاصيل.
يقول نيل باريش، عضو برلمان بارز من حزب المحافظين "إذا وضع الأشخاص المناسبون في مكانهم، فمن الممكن أن يكون رئيسا جيدا للوزراء، وإذا لم يفعل، ستكون تلك كارثة كبيرة".
يقول كليفرلي، كبير مستشاري جونسون في قاعة المدينة "عندما كان يختار الموظفين، كان بوريس يبحث عمن يعرفه ومن يثق به ومن هو الجيد، سيتبع نفس النهج في مقر الرئاسة، كما فعل في قاعة المدينة: تحديد الأسلوب والأجندة، وتفويض الأشخاص وتركهم يعملون".
ويل والدن، المتحدث السابق باسم جونسون، يقول إن العمدة كان جيدا في متابعة القرارات "كان يصرخ فعلا ويتابع الأمور إذا لم تكن قد فعلت ما قلت إنك ستفعله".
أخيرا، لدى جونسون عدد من الموظفين الجدد الذين قاموا بالتسجيل منذ الاستفتاء. ومن بينهم جافين ويليامسون، الذي أقالته السيدة ماي قبل شهرين من منصب وزير الدفاع، بسبب تسريبه المزعوم لتفاصيل عن أحد اجتماعات مجلس الأمن القومي. وقد نجح في نشر مزيج من التهديدات والإهانات باعتباره "السوط الرئيس" غير الرسمي لجونسون، لتحقيق أصوات أعضاء البرلمان من حزب المحافظين قبل بضعة أسابيع.
"شخص مثير للاحتقار" هو الطريقة التي يصف بها أحد الوزراء نهضة ويليامسون، لكن وجود السوط الرئيس المذكور للحكومة السابقة كان علامة على الجدية والقسوة، التي أثارت إعجاب كثير من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، الذين تمت دعوتهم لعقد اجتماعات لمدة 20 دقيقة مع المرشح خلال الأشهر القليلة الماضية.
انضم إلى رئيس حزب المحافظين السابق جرانت شابس، الذي طور جداول بيانات معقدة لتتبع نوايا تصويت أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، وعضو البرلمان السابق جيمس وارتون، وكذلك لحق بالحملة مستشارون آخرون، منهم موظفو حملة التصويت للمغادرة السابقين لي كاين لوسائل الإعلام وأوليفر لويس للسياسة.
يقول شابس "من الواضح أن بوريس لديه الميزة الفريدة لكن السؤال الكبير هو ما إذا كان في الإمكان جعله يركز؟. تجربتي في الحملة كانت أن الجواب على ذلك السؤال هو بالتأكيد نعم".
في أمسيات الإثنين والثلاثاء منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، كانت حفلات عشاء من لحم العجل أو لحم الخروف أو شرائح اللحم، تقام في المنزل الريفي في وستمنستر لناشط «بريكست» الرائد جيكوب ريس-موج.
مجموعات من ثمانية إلى عشرة أعضاء برلمان مختلفين كانوا يحضرون هذه التجمعات، ليستمتعوا بالعشاء في الهواء الطلق. ابن ريس-موج البالغ من العمر 11 عاما كان يستقبل في بعض الأحيان أعضاء البرلمان عند وصولهم (جونسون في بداية العام كان يتبع نظاما غذائيا). الغرض من حفلات العشاء المذكورة كان جعل جونسون أكثر انفتاحا على الزملاء.
انتهى الأمر بفوز جونسون بأصوات 160 عضوا من أعضاء البرلمان، لكن نجاح مرحلة وستمنستر من المسابقة، التي قلص فيها أعضاء البرلمان قائمة المرشحين إلى آخر اثنين – تبعه انتقال عسير إلى المرحلة الثانية.
تم استدعاء مارك فولبروك، الشريك التجاري لخبير الانتخابات الأسترالي لينتون كروسبي، للمساعدة على الفوز بدعم أعضاء الحزب.
فولبروك هو مدير حملات سابق لحزب المحافظين، لكن وجوده في فريق جونسون أثار الاستياء بين البعض في فريقه. شجب أحدهم حملة فولبروك الفاشلة في عام 2016، واصفا إياها بأنها فظيعة، وهي التي نظمها للفوز بمنصب عمدة لندن لمصلحة المرشح زاك جولدسميث من حزب المحافظين، التي وصفها الفائز النهائي، صادق خان من حزب العمال، بأنها تعاني "الإسلاموفوبيا".
يمكن أن يقال إن بعض الدعم، الذي كسبه جونسون على مدار الأشهر الثمانية الماضية، لم يكن يدور حول صفاته الشخصية بقدر ما كان يدور حول الأزمة الوجودية، التي يواجهها حزبه.
عديد من المحافظين المؤيدين للاتحاد الأوروبي يقبلون على مضض أنه يجب على الحزب تحقيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو مواجهة النسيان الانتخابي.
وهم يرجون أنه لو أمكن تحقيق مغادرة بريطانيا، فإن "عصر عمدة لندن" جونسون سيعود إلى الظهور بمظهر من المحافظين المتعاطفين، الذي يمكن أن يفوز بمقاعد مساندة للمغادرة في وسط وشمالي إنجلترا، متغلبا على زعيم حزب العمل اليساري جيرمي كوربين.
شعار حملة فولبروك "لنحقق ونتوحد ونهزم". تتمثل حملة جونسون في أنه سيحقق «بريكست» بحلول الموعد النهائي، ويوحد حزبه على أساس نسخة وسطية من حزب المحافظين، ثم يهزم كوربين في انتخابات لاحقة.
يأمل روبرت بوكلاند، وزير العدل والمعتدل في حزب المحافظين، في تحقيق الأفضل "إنه التلقيح، الذي نحتاج إليه ضد ميكروب الشعوبية. ما يضبط نفسه عليه هو المحافظ الوجداني الذي يمثل أمة واحدة".
يقول وزير الحكم المحلي ريشي سناك إن جونسون يدرك الحاجة إلى التجديد المدعوم من الدولة في الشمال، وأنه على الرغم من تعليقه "اللعنة على الشركات"، فهو ملتزم باقتصاد الشركات. "بوريس يتحدث بلا خجل عن الثروة. وهو قادر على تسويق فكرة أنه يجب علينا الدفاع عن منشئي الثروة بطريقة شاملة يتردد صداها، ولا تدل على أننا رأسماليون جشعون. لا أحد غيرنا يكترث بذلك".
يهدف جونسون إلى أن ينهي عقد التقشف، الذي فرضه حزب المحافظين في أعقاب الانهيار المالي وأن يتبعه بفورة إنفاق، الأمر الذي يهدف إلى معالجة مشكلات في بريطانيا، ظهرت دلالاتها في استفتاء عام 2016.
سيتم العثور على مزيد من الأموال من مكان ما من أجل النقل، والمدارس، والشرطة والرعاية الاجتماعية، إلى جانب برنامج لتخفيض الضرائب بقيمة 20 مليار جنيه استرليني.
ومع ذلك، فقد حذر معهد الدراسات المالية العامة من أن التخفيضات الضريبية من شأنها أن تفيد الأسر الأكثر ثراء بشكل رئيس، ويقول إنها لا تتفق مع وعد الحكومة بإنهاء التقشف.
جونسون منفتح على التهمة التي تقول إنه لا ينزعج بمن أين سيأتي المال؟ قالت سيموندز لجونسون أثناء خلافهما الشنيع "ليس لديك أي اهتمام بالمال أو أي شيء آخر". خارج الشقة التي يشتركان فيها في جنوب لندن، شوهد على الزجاج الأمامي لسيارة جونسون غرامات متراكمة غير مدفوعة لمخالفات التوقيف الخاطئ للسيارة.


الوعد باستبدال الجدار الاستنادي



يقول جونسون إنه يأمل في تحقيق صفقة إعادة تفاوض كاملة بشأن «بريكست» في غضون أشهر. ومع ذلك، فقد تم رفض أفكاره منذ الآن في مناسبات متعددة من قبل الاتحاد الأوروبي.
تشمل خطته تمزيق اتفاق الانسحاب، الذي تم الاتفاق عليه في أيار (مايو) الماضي، واستبدال الجدار الاستنادي الإيرلندي- الذي يهدف إلى الحفاظ على حدود مفتوحة في إيرلندا- بتكنولوجيا لم يتم نشرها قط في أي مكان في العالم.
فاتورة الانفصال، التي تبلغ قيمتها 39 مليار جنيه استرليني من الاتحاد الأوروبي، تم الاتفاق عليها من قبل السيدة ماي، سيمسك بها على أنها تهديد.
في المقابل، يتوقع أن يوافق الاتحاد الأوروبي على صفقة تجارية جديدة في وقت قياسي، ما يضمن وجود علاقة تجارية معفاة من الرسوم الجمركية في الوقت نفسه. يقول أحد الدبلوماسيين البريطانيين “بوريس محتقر في بروكسل، ولن يمنحوه حتى أصغر ورقة توت”.
في حزيران (يونيو) الماضي، قال إيفان روجرز، السفير البريطاني السابق لدى الاتحاد الأوروبي في محاضرة “أنا قلق من أنه كلما استمر الافتقار الهائل للجدية والصدق- الترويج للخداع- زاد تعرض آفاقنا للخطر على المدى الطويل”.
جونسون يصر على أنه إذا لم يوافق الاتحاد الأوروبي على تقديم تنازلات كبيرة، فستغادر بريطانيا بدون اتفاق في 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ما يضمن فعليا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل تخريبي ومدمر اقتصاديا على كلا جانبي القنال الإنجليزي (بحر المانش). يقول بعض نواب حزب المحافظين إنهم سيرفضون التصويت لجونسون وحكومته بدلا من السماح بحدوث خروج دون صفقة.
يقول أحد الوزراء “لا يتطلب الأمر سوى عشرات الأشخاص أو نحو ذلك للانشقاق والذهاب إلى حزب الديمقراطيين الأحرار المؤيدين لأوروبا لإسقاط الحكومة. هناك خطر من أننا سنندفع إلى الانتخابات العامة مباشرة” عقب الخروج دونما صفقة.
يأمل المؤيدون للأوروبيين في حزبه أن يعمل الخوف من إجراء انتخابات مبكرة على إقناع جونسون، بدلا من ذلك، بمحاولة دفع نسخة معدلة من صفقة أيار (مايو) الماضي عبر البرلمان. يقول وزير مؤيد لأوروبا يدعم جونسون “غريزته في الحفاظ على الذات ستتفوق على النقاء الأيديولوجي”.
ربما اتخذ جونسون مسارا قد لا يكون من المأمون التخلي عنه لاحقا، استطاع جونسون تأمين دعم أنصار «بريكست» المتشددين في مجمعة الأبحاث الأوروبية بعد أن أعطاهم ضمانة أكيدة لا “يخر” منها الماء، بأن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي بتاريخ 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، مهما كانت النتائج.
مشكلة جونسون هي أنه إذا حاول المضي قدما في الخروج بدون صفقة، فإن البرلمان يمكن أن يمنعه؛ وهذا من شأنه تقسيم حزبه وتعجيل الانتخابات العامة.
وإذا فشل في إخراج بريطانيا في ذلك التاريخ، فسيقسم حزبه أيضا وسينقلب عليه المناهضون للتكامل الأوروبي بمنتهى القوة.
يقول أحد أنصار «بريكست» البارزين من حزب المحافظين: “إذا غشنا، سيكون في إمكاننا القضاء عليه في أي لحظة”.
الرجل عندما بلغ الخامسة من عمره، أخبر شقيقته أنه يريد أن يكون ملك العالم، وهو الرجل الذي لا يزال يتوق لعصر أكثر سعادة سابق على «بريكست» من حافلات لندن، التي يمكنك الصعود إليها والنزول منها عند أي موقف (بتذكرة واحدة)، والمشاعل الأولمبية، يستعد ليصبح رئيس وزراء في أصعب وأشق بيئة سياسية في تاريخ بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
لقد ساعد على إيجاد الموقف، الذي يسعى الآن إلى حله.
إذا أخفق، فمن الممكن أن يدخل اسمه في التاريخ باعتباره أقل رؤساء الوزارات نجاحا وأقصرهم فترة في التاريخ الحديث، حيث يعزي نفسه بنماذج من حافلات لندن وأفكار حول الأمور كان يمكن أن تحدث.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES