Author

إفلاس الشركات .. ظاهرة تهدد الاقتصاد العالمي

|


على الرغم من انتهاء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008، إلا أن مخاطر الإفلاس لا تزال قائمة. وأسهمت المعارك التجارية الحالية في إرباك الوضع الاقتصادي العالمي، حتى إن العالم لم تكتمل "فرحته" بانتهاء التداعيات المشار إليها. والإفلاس كان السبب المباشر لانفجار الأزمة الكبرى، الأمر الذي أدى إلى إقدام حكومات في دول تتبع النظم الرأسمالية إلى تأميم عديد من المؤسسات والشركات والبنوك. ولا تزال هناك شركات ومصارف كبرى تخضع لسيطرة الحكومات في الدول الغربية على وجه الخصوص، خوفا من أي انفلات قد يحدث بصورة مفاجئة. فتكاليف الإفلاس كبيرة، وليست محصورة في الخسائر المالية فقط، بل تشمل السمعة التي يتمتع بها الاقتصاد كله، فضلا عن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومات بشكل عام.
من هنا، فإن التوقعات الجديدة التي أطلقتها شركة "أتراديوس" الألمانية المتخصصة في التأمين على القروض، بأن حالات إفلاس الشركات مرشحة للارتفاع 2 في المائة هذا العام، جدية وخطيرة. لماذا؟ لأنها المرة الأولى التي تطلق فيها مثل هذه التوقعات منذ أزمة عام 2008. وحالات الإفلاس التي تحدثت عنها الشركة، ستكون متفاوتة بين بلد وآخر. ما يعني، أن الأوضاع الاقتصادية هي التي ستحدد مستويات الإفلاس هذه، وعدد الشركات المرشحة للوصول إلى هذه المرحلة المخيفة. واللافت أن المخاطر الأكبر، تكمن في دول شرق أوروبا، التي تعاني أصلا أزمات اقتصادية مختلفة، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى التدخل بأشكال مختلفة، وفق طبيعة الأزمات ومخاطرها. كما يحاول الاتحاد إجبار الدول الأعضاء للسيطرة على ديونها بشكل عام، والتحكم الحقيقي في موازناتها.
لكن أيضا، هناك خطورة كبيرة على الساحة الألمانية، التي قدرت نسبة إفلاس الشركات فيها بنحو 2 في المائة قبل نهاية العام الجاري. والسبب يبقى دائما، تزايد الأعباء المالية على المعاملات الدولية للشركات نفسها، وهي أعباء ناجمة عن استفحال النزاعات التجارية التي يحذر منها العالم أجمع. فحتى أوروبا بدأت برفع صوتها "مثلا" لضرورة التوصل إلى صيغة تفاهم مشتركة بين الولايات المتحدة والصين، في نزاعهما التجاري الطويل. فالعالم، كما يعرف الجميع، لا يتحمل حقا مثل هذه النزاعات التي وصل بعضها إلى حد فرض الرسوم الجمركية الإضافية، والرد بإضافة رسوم مماثلة من الطرف الآخر. ورغم أن واشنطن جمدت مسيرة فرض الرسوم الجديدة على البضائع الصينية، إلا أن التوتر لا يزال قائما، خصوصا أن الجانب الصيني متمسك بالرسوم الانتقامية التي فرضها على الصادرات الأمريكية.
والمثير في الأمر، أن حالات الإفلاس التي تحذر منها الشركة الألمانية المتخصصة، ستكون أقل في دول آسيا المطلة على المحيط الهادي، من دول غرب وشرق أوروبا. ففي الغرب الأوروبي، من المتوقع أن ترتفع حالات إفلاس الشركات بنسبة 3 في المائة، وهي الأعلى وفق كل التقديرات. وفي حين ستصل إلى 3 في المائة في فرنسا، فإنها قد تبلغ 6 في المائة في إيطاليا، و7 في المائة في بريطانيا التي تعيش فترة من الفوضى السياسية والاقتصادية، بسبب تأثيرات خروجها من الاتحاد الأوروبي، فقد أعلنت 125 من شركات التجزئة الإفلاس في العام الجاري في بريطانيا نفسها! والأمر ليس أفضل على الساحة الأمريكية التي بدأت تعاني آثار النزاعات التجارية الراهنة.

إنشرها