default Author

إفريقيا والمنصة الرقمية «1 من 3»

|

التكنولوجيا يمكن أن تكون منصة انطلاق لنمو أسرع وأكثر احتواء للجميع، وذلك مع تحول عدد متزايد من البلدان إلى استخدام المنصات التكنولوجية في تقديم الخدمات. لحقت البلدان منخفضة الدخل هي الأخرى بركب الطفرة الرقمية، بل من المحتمل أن تكون الأكثر استفادة على الإطلاق من هذه الطفرة في ظل استخدام السياسات الملائمة.


وتتيح "الرقمنة" فرصا لتحقيق قفزات هائلة في مسيرة التنمية. وتسهم التكنولوجيا الرقمية في تخفيض التكلفة وتعزيز الكفاءة، مع حماية الشمول. وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، تتيح التكنولوجيا الرقمية وسيلة لتقديم الخدمات في حالة عدم كفاءة المؤسسات التقليدية، لكن لا يزال تحقيق إمكانات التكنولوجيا أمرا بعيد المنال. وسيتطلب ذلك ضخ استثمارات إضافية في البنية التحتية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتوافر بيئة من السياسات التمكينية، ومهارات كافية، واتخاذ خطوات لضمان الخصوصية والأمن.


وتواجه إفريقيا على وجه الخصوص عديدا من التحديات. فبينما يتعافى النمو ليصل إلى 3.5 في المائة في عام 2019 حسب التوقعات، تحتاج القارة إلى زيادة معدل النمو ثلاثة أضعاف لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة. وفي ظل أن نحو 33 في المائة من سكان القارة يعيشون في فقر مدقع، يعد نصيب الفرد من نمو إجمالي الناتج المحلي البالغ 0.6 في المائة غير كاف للمساعدة على نحو ملموس في تحقيق هذه الأهداف. ولا يتوافر للحكومات، التي يزيد متوسط ديونها على 50 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، سوى حيز محدود للاستثمار في البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية. ويتعذر على أكثر من 60 في المائة من السكان الحصول على الخدمات المالية. لذلك، توجد حاجة إلى عمل المزيد، ويمكن أن يكون لـ"الرقمنة" دور أساسي في هذا الصدد.


وتكافح البلدان منخفضة الدخل حول العالم من أجل الحفاظ على النمو في ظل تباطؤ الطلب العالمي وتراجع أسعار السلع الأولية. وبينما يبدو أن البلدان المصدرة ذات الأنشطة الاقتصادية المتنوعة أفضل أداء من غيرها، فإنها تستنزف ميزانياتها لتمويل الاستثمارات السريعة في البنية التحتية. ويجب على البلدان منخفضة الدخل زيادة مدخراتها، وتحسين جودة استثماراتها، والأهم من ذلك رفع معدل العائد على الاستثمارات الجديدة بهدف إدارة الدين وتوفير حيز في المالية العامة للإنفاق على القطاع الاجتماعي.


ويمكن للاقتصاد الرقمي المساعدة على تحقيق هذه الأهداف من خلال ثلاث طرق:


أولا، يمكن تحقيق وفورات هائلة من خلال تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وشفافيتها. فباستخدام التكنولوجيا الرقمية، استطاعت رواندا زيادة إيراداتها السنوية بأكثر من 6 في المائة. وتمكنت دولة جنوب إفريقيا من تخفيض تكلفة تحصيل الضرائب بنسبة 22 في المائة. ومن خلال تقليل الوقت اللازم لتأسيس الشركات، واستخدام منصات التجارة الإلكترونية، تمكنت بلدان مثل موريتانيا ورواندا والسنغال من تشجيع نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وحققت الهند وفورات بقيمة 99 مليار دولار من خلال نظام الهوية الرقمية Aadhaar الذي أسهم في تخفيض تكلفة تقديم الخدمات ووصولها إلى نسبة أكبر من الفئات السكانية المعوزة... يتبع.

إنشرها