Author

اتفاق «أوبك» وإطلاق موجة جديدة من النفط الصخري

|

لم تترك مخزونات النفط الكبيرة، وضعف نمو الطلب وأسعار النفط الأقل بنحو 15 دولارا للبرميل عن مثل هذا الوقت من العام الماضي، لـ"أوبك" وحلفائها سوى خيار واحد وهو تمديد تخفيضات الإنتاج إلى عام 2020. على الرغم من أن "أوبك" لا تستهدف رسميا أسعار نفط معينة، إلا أن الهدف النهائي للمنظمة وحلفائها هو الحفاظ على أسعار النفط من الانهيار، وبالتالي ضمان عائدات مناسبة لدول النفط التي تعتمد اقتصاداتها على صادرات النفط.


من خلال السعي لإيجاد أسعار أفضل للنفط، فإن المنظمة تساعد عن غير قصد المنافسين من خارج "أوبك"، خصوصا منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة. لقد حقق إنتاج النفط في الولايات المتحدة مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة، لكن وتيرة نمو الإنتاج الأمريكي بدأت تتباطأ بشكل ملحوظ هذا العام استجابة لانخفاض أسعار النفط بنسبة 40 في المائة في الربع الأخير من عام 2018.


إذا نجحت تخفيضات "أوبك" في خفض المخزونات وإذا أدى حل النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين إلى تحسين توقعات الطلب على النفط، المفارقة هي أن هذه العوامل التي تدعم أسعار النفط هي نفسها تؤدي إلى ازدهار المعروض الأمريكي، ما يؤدي إلى ارتفاع المخزونات التي في النهاية تؤدي إلى انخفاض أسعار النفط.


لأن أسعار التعادل لمعظم ميزانيات دول "أوبك" تراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل، يبدو أن المنظمة تعمل جاهدة من أجل الحفاظ على أسعار النفط عند مستويات عالية نسبيا بدلا من حصتها في السوق.


عند 80 دولارا للبرميل لخام برنت، وعلى الرغم من تداول خام غرب تكساس الوسيط عادة بسعر مخفض على «برنت»، إلا أن جميع مناطق الإنتاج في الولايات المتحدة، النفط الصخري أو الحقول التقليدية، ستكون مربحة بسهولة. لكن بعد تراجع أسعار النفط في الربع الأخير من عام 2018 تباطأ نمو الإنتاج في الولايات المتحدة هذا العام، على الرغم من حقيقة أنه وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 12.162 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) 2019، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. ووفقا للبيانات نفسها، كان معدل نمو إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام والمكثفات 1.52 مليون برميل يوميا على أساس سنوي للأشهر الثلاثة بين شباط (فبراير) ونيسان (أبريل) 2019، مقارنة بمعدل نمو سنوي يقارب مليوني برميل ـ 1.97 مليون برميل يوميا ـ في الفترة من آب (أغسطس) إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2018. بالنظر إلى أن هناك فترة تأخر من تسعة إلى 12 شهرا بين انخفاض أسعار النفط والإنتاج الفعلي، فقد يستمر نمو الإنتاج الأمريكي في التباطؤ خلال الفترة حتى نهاية هذا العام استجابة لانخفاض الأسعار في الربع الأخير من عام 2018. تشير عدة مؤشرات بالفعل إلى تباطؤ نشاط الحفر ونمو الإنتاج. لقد انخفض عدد منصات حفر النفط في الولايات المتحدة بمقدار 65 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي، وفقا لبيانات شركة بيكر هيوز. لكن، على الرغم من تراجع عدد منصات الحفر على أساس سنوي، إلا أن إنتاج الولايات المتحدة يزيد بنحو 1.2 مليون برميل يوميا على أساس سنوي، أي ما يعادل اتفاقية "أوبك" لخفض الإنتاج.


ووفقا للمسح الذي أجرته إحدى دور المعرفة في الربع الثاني من هذا العام، كان النشاط في قطاع النفط والغاز ثابتا في الربع الثاني من عام 2019 بعد ثلاث سنوات من النمو. على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط والغاز للربع الـ11 على التوالي، أشار مؤشر إنتاج النفط إلى معدل نمو أبطأ قليلا. أظهر مؤشر توقعات دار المعرفة أن هناك مزيدا من التشاؤم حول الظروف المستقبلية، متزامنا مع زيادة عدم اليقين، حيث ارتفع مؤشر عدم اليقين بمقدار 31 نقطة إلى 50 ـ وهو أعلى مستوى منذ طرح المؤشر في عام 2017. على الرغم من النمو المعتدل، سيستمر الإنتاج الأمريكي في الارتفاع والتعويض إلى حد كبير عن جهود "أوبك" وحلفائها لتقليل المخزونات العالمية.


تهدف "أوبك" وشركاؤها من خارج المنظمة بقيادة روسيا إلى رفع الأسعار في الوقت الحالي أو على الأقل الحفاظ عليها من الانهيار، حتى لو كان هذا يعني التخلي عن حصتها في السوق، بالفعل من المتوقع أن تتراجع حصة "أوبك" في إنتاج النفط العالمي العام المقبل إلى أقل من 30 في المائة لأول مرة منذ عام 1991، وفقا لتقديرات نشرة "بلومبيرج".  قال وزير الطاقة السعودي في فيينا الأسبوع الماضي، كما أفادت نشرة "بلومبيرج": "ليس لدي أدنى شك في أن النفط الصخري في الولايات المتحدة سيبلغ ذروته ثم يتراجع مثل أي حوض آخر في التاريخ". لكن قد تضطر المملكة و"أوبك" إلى الانتظار لمدة نصف عقد إلى عقد على الأقل حتى يصل النفط الصخري إلى ذروته، حيث يشير عديد من التقديرات إلى أن إنتاج النفط الصخري سيصل إلى ذروته في عام 2025 أو ما بعد ذلك.


في كل مرة ترى "أوبك" سعرها المرغوب من 70 إلى 80 دولارا في الأفق، تستجيب شركات النفط الصخري الأمريكي بزيادة أنشطة الحفر والإنتاج. ولخص بعض المحللين هذا الأمر على أن "أوبك" ستبقى تدعم النفط الصخري عن غير قصد". بالطبع إنتاج النفط الصخري لن يستمر في الاستجابة والارتفاع إلى ما لا نهاية، لكن ليس من المتوقع أن يصل إلى ذروته قبل عام 2025. لذلك على دول "أوبك" التعويل أكثر على تعافي الطلب على النفط ودعم الدول التي تعاني نقص خدمات الطاقة، خاصة جنوب الصحراء الإفريقية، في الحصول على الطاقة، لأن الطاقة هي محرك الاقتصاد الرئيس وبالتالي الطلب. 
 

إنشرها