FINANCIAL TIMES

تخفيض الفائدة لا يمنع طفرة أسعار العقارات وانهيارها

تخفيض الفائدة لا يمنع طفرة أسعار العقارات وانهيارها

هل يتباطأ الاقتصاد العالمي؟ ذلك هو النقاش الحامي الذي يدور بين خبراء الاقتصاد وصناع السياسة، في الوقت الذي تظهر فيه بيانات متناقضة من أكبر الاقتصادات "حتى دون تلك الحرب التجارية المزعجة".
تبدو الإجابة في قطاع واحد واضحة بالفعل: العقارات. وفقا للمؤشر العالمي للاحتياطي الفيدرالي في دالاس، انخفض نمو أسعار المنازل 1 في المائة في بداية هذا العام، بعد أن كان 4 في المائة في أواخر عام 2016 - وهو تأرجح شوهد آخر مرة خلال انهيار عام 2008.
علاوة على ذلك، تراجعت الاستثمارات العقارية السكنية في أكبر 18 اقتصادا في هذه الفترة من معدل نمو يقارب 7.5 في المائة إلى أقل من 1.4 في المائة، وفقا لبيانات جمعتها "أكسفورد إيكونومكس" Oxford Economics. حذرت المجموعة البحثية من أن "التباطؤ الحالي في الإسكان العالمي هو مدعاة للقلق"، مضيفة أن هذا "قد يؤدي إلى انخفاض النمو العالمي إلى أدنى مستوى له منذ عقد".
بلا شك هذا الأمر سيجعل صناع السياسة يشعرون بالفزع. رغم كل شيء، أسعار المنازل ليست مجرد عامل اقتصادي، بل مشكلة سياسية كبيرة في معظم البلدان. لكن قبل أن تغري أي سياسي فكرة المطالبة بالتدخل، ينبغي له التفكير في درسين من التاريخ: تخفيض أسعار الفائدة ليس في العادة طريقة فعالة لإيقاف هبوط أسعار المنازل، وأفضل طريقة لمنع حدوث فترات انتعاش وركود تلحق الضرر هي اتباع سياسات كلية حصيفة للحد من تقلبات صعودية مفرطة.
لفهم هذا الأمر، يجدر النظر إلى بحث أجراه صندوق النقد الدولي في وقت سابق من هذا العام. من خلال اختبار ثلاثة عقود من الاتجاهات العقارية في 32 بلدا، يستخلص الصندوق أربعة استنتاجات مهمة.
أولا، والأكثر وضوحا، تقلبات أسعار المنازل ليست أمرا غير معتاد. بصورة مجملة، ارتفعت أسعار العقارات في المتوسط 2 في المائة سنويا في الاقتصادات المتقدمة منذ عام 1990 وبنسبة 2.6 في المائة في الاقتصادات النامية. مع ذلك، هذا الرقم يخفي حقيقة أن "التراجع بنسبة 10.5 في المائة في المتوسط الحقيقي لأسعار المنازل يحصل مرة واحدة كل 20 عاما" في الاقتصادات المتقدمة و"النمو الحقيقي السلبي في أسعار المنازل يحدث تقريبا في نصف الحالات المرصودة في الاقتصادات المتقدمة وفي ثلث الحالات المرصودة في الاقتصادات الناشئة على مدى عام واحد".
ثانيا، يلاحظ صندوق النقد الدولي أنه نظرا إلى حدوث الدورات بصورة متكررة جدا، فقد تكون "إشارة إنذار مبكر مفيدة للمراقبة المالية"، تحديدا لأن "أكثر من ثلثي الأزمات المصرفية النظامية التي بلغت قرابة 50 أزمة في العقود الأخيرة سبقتها فترات انتعاش وركود في أسعار المنازل".
أصبحت الحاجة إلى تتبع هذه الدورات ذات أهمية مضاعفة الآن بسبب تطور حديث مهم. كانت أسعار المنازل غير متزامنة نسبيا، لكن أسواق المراكز الحضرية الرئيسة أصبحت الآن أكثر ارتباطا، على ما يبدو لأن أسواق رأس المال العالمية أصبحت مندمجة.
لذا، فإن صندوق النقد الدولي يراقب الآن مؤشرا خاصا "لأسعار المنازل المعرضة للخطر" ويحث صناع السياسة على فعل الشيء ذاته. تشير هذه البيانات ظاهريا إلى أن الوضع في كندا يبدو مقلقا، تحديدا في مدن مثل هاميلتون وتورونتو وفانكوفر، لكن الوضع في الولايات المتحدة أقل إثارة للقلق بصورة عامة.
ثالثا، يوجد قليل من الأدلة التاريخية على أن السياسة النقدية وحدها يمكنها التحكم في تقلبات أسعار المنازل. نعم، يمكن لخفض أسعار الفائدة تخفيف وتيرة الانخفاضات لفترة قصيرة في الاقتصادات المتقدمة، حسبما يذكر صندوق النقد الدولي. لكن التأثير لا يدوم – القيمة المالية هي مجرد عامل من عدة عوامل ترفع الأسعار إلى "أو تقللها". هناك قضايا أخرى ذات أهمية عميقة مثل النمو الاقتصادي الحقيقي. يبدو أن تدفقات رأس المال مهمة بشكل متزايد، خاصة في المراكز الحضرية في الغرب.
رابعا، يجادل صندوق النقد الدولي بأنه إذا أراد صناع السياسة تشكيل دورة الإسكان، فإن أدوات السياسة الكلية الحصيفة تعد خيارا أفضل، تحديدا لتجنب حدوث طفرات جنونية تؤدي إلى فترات من الركود "وإلى مخاطر الاستقرار المالي". وقد يتضمن ذلك، فلنقل، فرض قيود على نسبة القرض إلى القيمة. والأكثر إثارة للدهشة هو أن صندوق النقد الدولي يشير إلى أنه قد يكون هناك مبرر لمزيد من الضوابط المتعلقة برأس المال.
هذه نصيحة معقولة جدا. لكن للأسف، لن يكون من السهل اتباعها. أحد عيوب سياسة الاقتصاد الكلي الحصيفة هو أنها صعبة ومعقدة. عيب آخر هو أنها تميل إلى أن تكون غير مرغوبة من الناخبين ومجموعات الأعمال. وهذا يجعل من الصعب تنفيذها في الديمقراطيات الغربية، مقارنة بتحريك أسعار الفائدة.
لكن لو طالب ترمب "أو أي شخص آخر" البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة مجددا، ينبغي لشخص ما أن يلوح ببحث صندوق النقد الدولي ذاك. ربما تكون هناك حجة اقتصادية أوسع لتسهيل السياسة النقدية في العام المقبل. إلا أن أسعار العقارات لا توفر ذلك، ناهيك عن الرسوم البيانية اللافتة للنظر.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES