Author

استمرار نمو الطلب على الطاقة

|


تراجعت معدلات نمو الطلب على الطاقة العالمية، دون معدلاتها التاريخية بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 حتى 2016، وذلك بسبب تأثير الأزمة الاقتصادية، التي قادت تراجع الطلب على الطاقة في 2009. بعد ذلك عاد نمو الطلب على الطاقة، ولكن المعدل العام خلال الفترة من 2008 إلى 2016 كان أقل من المعدلات التاريخية. أما في 2017 فقد شهد الطلب العالمي على الطاقة انتعاشا، حيث ارتفع معدل نموه إلى 1.9 في المائة، وهو الأعلى منذ عام 2011، مقتربا من معدل نمو الطلب على الطاقة طويل الأجل. واصل معدل نمو الطلب على الطاقة صعوده في عام 2018، حيث ارتفع بأكثر من 300 طن نفط مكافئ، وبنسبة تصل إلى 2.3 في المائة، وهو أسرع معدل خلال عقد من الزمان. ويعود هذا بالطبع إلى النمو الاقتصادي القوي في مناطق مختلفة من العالم، حيث سجل الاقتصاد العالمي نموا قدر بنحو 3.7 في المائة خلال 2018، كما يعود لتقلبات درجات الحرارة، التي رفعت احتياجات الطاقة في كثير من دول العالم. وجاء خمس زيادة النمو في استهلاك الطاقة نتيجة لزيادة الطلب على التدفئة والتبريد الناتجين عن ازدياد تطرف درجات الحرارة، التي يعتقد على نطاق واسع أن انبعاثات الكربون مسؤولة عنها. ومن المتوقع استمرار نمو استهلاك الطاقة حتى عام 2040، على الرغم من تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي خلال العقدين القادمين، خصوصا في الدول النامية التي ستزداد حركة التصنيع فيها. وسيستمر نمو حصتي الصين والهند اللتين تمثلان ثقلا متزايدا في استهلاك الطاقة العالمي.
ارتفع الطلب العالمي على كل أنواع الطاقة سواء العضوية أو المتجددة. وأسهمت زيادة الطلب على الطاقة العضوية بتلبية 70 في المائة من زيادة الطلب الكلي على الطاقة. وكان للغاز الطبيعي الحظ الأوفر في تلبية انتعاش الطلب، حيث أسهم بنحو 45 في المائة من الزيادة الإجمالية. واصلت مصادر الطاقة المتجددة نموها القوي، حيث لبت نحو 30 في المائة من زيادة الطلب العالمي على الطاقة. ونمت الطاقة الشمسية بنحو 31 في المائة العام الماضي، ولكن هذا لم يستطع مقابلة الطلب المتزايد على الكهرباء، حيث ازدادت استخدامات الفحم الحجري في توليدها. استمرت الصين في صدارة مستخدمي الطاقة بشكل عام والفحم الحجري بشكل خاص. كما احتلت الصدارة في الطاقة المتجددة للحد من معضلات التلوث الخانقة في المدن الصينية، وجاءت القارة الأوروبية في المركز الثاني، ثم تلتها الولايات المتحدة. أتى معظم النمو العالمي في استهلاك الطاقة، نتيجة لارتفاع معدلات استهلاك ثلاث دول هي الصين والولايات المتحدة، والهند على التوالي. وقد شهدت الولايات المتحدة نموا قويا في استهلاك النفط والغاز الطبيعي. وسجلت معدلات نمو استهلاك الغاز الأمريكية مستويات قياسية العام الماضي.
تحسنت كثافة استهلاك الطاقة بنسبة 1.3 في المائة في عام 2018 وهو معدل منخفض مقارنة بالأعوام السابقة، وهذا يعود إلى ضعف سياسات كفاءة الطاقة على المستوى العالمي، وحدوث معظم نمو الطلب في الدول النامية، التي تزداد كثافة استهلاكها للطاقة في مسيرة التنمية. من جهة أخرى ازدادت كميات انبعاث الكربون مع النمو العالمي في استهلاك الطاقة، وذلك لاستمرار نمو استهلاك الطاقة العضوية. وقد ارتفعت معدلات انبعاثات الكربون بنسبة 1.7 في المائة العام الماضي، وهو معدل يقل بعض الشيء عن المعدل العالمي لنمو استهلاك الطاقة، ولكنه يضيف كميات هائلة من الكربون إلى الغلاف الجوي للأرض، ويزيد من آثاره السلبية على البيئة العالمية وسكان المعمورة. وعلى الرغم من أن مساهمة الفحم الحجري في زيادة انبعاث الكربون أقوى من مصادر الطاقة الأولية الأخرى، إلا أن استهلاكه شهد نموا العام الماضي (0.7 في المائة)، وذلك لزيادة استخدام الدول الآسيوية له في توليد الكهرباء.
استمرار نمو استهلاك الطاقة ــ خصوصا النفط الذي نما بنحو 1.3 في المائة العام الماضي ــ يمثل أخبارا جيدة للمملكة، لكونها بلدا مصدرا للطاقة. كما أن توقعات استمرار استخدام النفط في الأنشطة الاقتصادية وبقائه في المركز الأول حتى عام 2040، يدعم تطلعات المملكة للتنمية الاقتصادية. إلا أن هناك تحديات متزايدة للنفط على الأمد الطويل تتركز في المنافسة المتزايدة من الغاز الطبيعي، الذي تقل انبعاثات الكربون عند استخدامه مقارنة بالنفط "بنحو الثلث"، ومن مصادر الطاقة المتجددة التي تنخفض تكاليفها مع مرور الوقت.

إنشرها