Author

قوة الاقتصاد السعودي وتنوع المستثمرين

|


تتمتع المملكة بتصنيف ائتماني عال، تدعمه سمعتها في هذا المجال، والمملكة حافظت على هذا المستوى من التصنيف حتى في أوقات انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، كما أنها أضافت مزيدا من الثقة بأدائها الاقتصادي، عبر تشريعاتها المتجددة، ولا سيما في أعقاب إطلاق "رؤية المملكة 2030". وهذه الأخيرة، عززت سمعة المملكة على الساحة الدولية، ورفعت عدد الجهات الأجنبية التي تسعى لتكون لها حصة في عملية التنمية ككل في مختلف القطاعات، وهذا أيضا دعم جودة السندات التي تصدرها البلاد بالعملات المحلية والأجنبية. فالإقبال على هذه السندات يعكس في الواقع الثقة الحقيقية الموجودة على الأرض. دون أن ننسى، أن هذه الأدوات تعد جزءا أصيلا من حراك التنمية والبناء.
من هنا، يمكن النظر إلى الطرح الأول للسندات الدولية المقومة بالعملة الأوروبية (اليورو)، الذي يأتي ضمن برنامج السعودية الدولي؛ لإصدار أدوات الدين. وهذا الطرح بالعملة المشار إليها، يؤكد مجددا مكانة المملكة في هذا المجال. وهذا ما انعكس من خلال الطلب القوي من مستثمري منطقة الاتحاد الأوروبي. وهذه المنطقة ترتبط بعلاقات مميزة مع المملكة، كما أنها تنظر باهتمام شديد إلى الحراك الاقتصادي والتنموي الذي أنتجته "رؤية المملكة 2030". ففي سوق السندات تشكل السمعة ومعها القوة الحقيقية للاقتصاد والاستقرار بشكل عام، عاملين مهمين. ومن هنا، يأتي طبيعيا نجاح الطرح الأول للسندات، تماما مثل النجاحات التي حققتها الطروحات السابقة. فالمسألة تتعلق في النهاية بمكانة المملكة في الأسواق العالمية.
وتكمن أهمية الطرح باليورو أيضا، في تنوع المستثمرين ومصادر التمويل. وهذا ما يركز عليه المسؤولون السعوديون في هذه المرحلة. ولذلك شملت الحملة الترويجية ثماني مدن أوروبية، تم خلالها مقابلة 77 مستثمرا أوروبيا من الطراز الأول في مدة زمنية لم تتعد أسبوعا. واللافت أن طلبات الاكتتاب تجاوزت قيمتها 13.5 مليار يورو بمكرر تغطية عند 4.5. وهذا بحد ذاته دليل آخر ليس فقط على جدوى الطرح المذكور، بل على الثقة الكبيرة التي تتمتع بها المملكة في الأسواق العالمية. الذي يتابع أسواق السندات بشكل عام، يعرف أن شريحة مهمة من المستثمرين لا تستثمر إلا بالعملة الأوروبية، الأمر الذي يجعل الطرح بهذه العملة ضروريا خصوصا في ظل المرونة التي تتسم بها السياسة الاقتصادية السعودية بهذا الخصوص.
لا شك أن هذه الخطوة تأتي ضمن السياق العام لإصدار أدوات الدين، كما أنها تضاف إلى هذا الحراك من خلال تنوع العملة المقومة بها. فقد بلغ إجمالي الطرح ثلاثة مليارات يورو، في شريحتين الأولى ثماني سنوات، والأخرى 20 عاما. ولعل من أبرز العوائد في هذا الطرح أيضا، أن الجهات التي تمت مقابلتها على الساحة الأوروبية، أكدت ثقتها مرة أخرى بالاقتصاد السعودي، خصوصا مخرجات "رؤية المملكة 2030"، التي فتحت كثيرا من الطرق أمام الاستراتيجية العامة التي تستهدف استكمال بناء اقتصاد وطني سعودي جديد، يحاكي متطلبات الحاضر والمستقبل، ويفتح الآفاق كلها أمام أي حراك يسهم مباشرة في عملية البناء والتنمية الشاملة. وأدوات الدين تعد محورا رئيسا في هذه العملية، خصوصا طرحها على أسس قوية وصحية ومتنوعة.

إنشرها