Author

«العشرين» والأطروحات الاقتصادية السعودية

|


كان متوقعا التركيز في قمة مجموعة العشرين على المسائل التجارية العالقة، التي أنتجت حربا تجارية تجري حاليا بين الولايات المتحدة والصين. ناهيك عن بعض المعارك هنا وهناك. بحثت القمة، كما في بقية القمم، القواسم المشتركة الجامعة لدولها التي تسيطر عمليا على 85 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي. نجحت في مناح كثيرة منها، إلا أنها تركت أخرى لاجتماعات مقبلة، ولا سيما في قمة "المجموعة" في الرياض العام المقبل. وهذه القمة يعول عليها أعضاء "العشرين"، لأسباب عديدة، في مقدمتها أنها ستجري في المملكة، وأن الأخيرة تعد من بلدان "المجموعة" الأكثر التزاما بتعهداتها، وتشجيعا للتفاهمات، وحلا للمشكلات، بصرف النظر عن مستواها، بالحوار والاتصال والتشاور.
قمة مجموعة العشرين في اليابان، حددت أطرا مهمة، لكنها تحتاج إلى متابعة لا تتوقف، خصوصا مسألة ضرورة إدخال إصلاحات على قوانين وقواعد منظمة التجارة العالمية، التي أشار إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام قادة القمة. وهذه النقطة مهمة، لأن الولايات المتحدة تعتقد أنها تتعرض للظلم من قوانين هذه "المنظمة"، فضلا عن أهمية الإصلاح بعد سنوات من إقرارها. بالطبع الجميع طالب بالحرية والعدل وعدم التمييز على الصعيد التجاري، وهذا ما يجب العمل عليه في المرحلة المقبلة، وسيكون محورا رئيسا في قمة المجموعة في الرياض. النقطة المشار إليها ترتبط بصورة وثيقة بالنمو الاقتصادي العالمي، الذي تحرص دول مجموعة العشرين، أن يكون إيجابيا في المستقبل، مع تعرضه حاليا للتباطؤ.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي حظي باحتفاء شديد من قمة اليابان وباقي قادة مجموعة العشرين، حدد الأطر العامة التي يجب على دول المجموعة العمل ضمنها، ولا سيما فيما يرتبط بالنمو والتجارة. لكن ركز أيضا على إمدادات الطاقة وخطط تطوير كفاءاتها. فالمملكة، كما هو معروف، تعد الدولة الرئيسة في الحفاظ على استقرار الطاقة بشكل عام، وهي ضامن قوي جدا لاتفاق خفض الإنتاج، الذي دفع السوق النفطية إلى الاستقرار منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهذه المسألة ستظل في مأمن جراء القوة السعودية فيها، والاستراتيجية التي تنتهجها الرياض في هذا الخصوص منذ عقود. لكن اللافت أيضا، تركيز الأمير محمد بن سلمان، على دفع تمكين المرأة إلى الأمام، وأن تكون هناك قفزات كبيرة في هذا المجال.
وكان مهما جدا إشارة ولي العهد إلى موضوع الحمائية، الذي يرى أنه عملية مضرة للاقتصاد العالمي. وهذا صحيح إلى حد بعيد، لأن المعارك التجارية الراهنة وغيرها ما كانت لتنشب لولا التوجه الحمائي من هذا الطرف أو ذاك. ومن هنا، يمكننا النظر إلى قمة مجموعة العشرين المقبلة في المملكة، لأن المشاريع والمخططات التي وضعتها السعودية للمضي قدما في حل المشكلات، وتنفيذ المشاريع الحيوية بدأت بالحراك حتى قبل تسلم الرياض رئاسة "المجموعة". فـ"المناخ" محور رئيس والاستثمار والتقنية العالمية كلها محاور وضعتها المملكة على رأس أولوياتها. إلى جانب نقطة مهمة ستبقى حاضرة في كل القمم المقبلة تتعلق بما يسمى "رقمنة الاقتصاد". وهذه الأخيرة تتعرض لتحديات مختلفة، لا بد من الوقوف في وجهها في المرحلة المقبلة.
قمة "مجموعة العشرين" في اليابان، وضعت أسسا محورية جديدة لعديد من القضايا الخلافية، أو المتفق عليها بشكل عام. وفي الأشهر القليلة المقبلة، ستحظى هذه الأسس بمزيد من النقاشات من أجل المصلحة الدولية كلها.

إنشرها