Author

السعودية .. والقدرة على عقد الشراكات الاستراتيجية

|


اختتم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نهاية الأسبوع الماضي زيارة مهمة لكوريا وقع خلالها عديدا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في إطار شراكة استراتيجية قامت على التوازن في القوة السياسية والاقتصادية والعلاقات المميزة والاحترام المتبادل لأكثر من خمسة عقود. وفي هذه الخطوة الاستراتيجية المهمة إشارة إلى قدرة السعودية على تنويع تحالفاتها وشراكاتها متى ما توافرت لدى الطرف الثاني الأصول نفسها التي تقوم عليها مثل هذه التحالفات وأهمها عدم تدخل أي طرف في الشؤون الداخلية للطرف الآخر، وأن يكون لدى الطرفين ميزات نسبية تثري العلاقة بينهما في جميع المجالات. وفي الحالة السعودية الكورية تتقاسم الطاقة والتقدم التقني والصناعي بالذات مساحة ضمان نجاح تلك الشراكة الاستراتيجية، كما يجب ألا نغفل الإشارة المهمة إلى الجانب الدفاعي الذي تسعى السعودية إلى تطوير صناعاته محليا وتنويع مصادر سلاحه بدل الاعتماد على مصدر واحد كما كان الحال في الماضي.
وحظيت الزيارة كما هي العادة بما تستحق من اهتمام نظرا للثقل المتنامي للسعودية فهي عضو عامل في مجموعة العشرين، وهي تمثل الأمتين العربية والإسلامية بكل امتياز، وهي دولة تحترم تعاقداتها وتعهداتها، وتكافح الإرهاب وغسل الأموال والفساد بأنواعه ولذا كسبت احترام العالم أجمع. ومن هنا نلاحظ أن الدول القادرة على عقد الشراكات الاستراتيجية محدودة جدا على مستوى العالم فالدولة التي يتوافر لها الثقلان السياسي والاقتصادي والقيادة التي تحترم تعاقداتها والتزاماتها والأرض الغنية بمواردها الطبيعية وإرث حضاري يمتد عبر مئات السنوات وشعب مقبل على التعلم والإنتاج هي فقط القادرة على عقد شراكات استراتيجية طويلة المدى وهذا ما تتمتع به بلادنا بشهادة كل الدول التي سعت وتسعى للارتباط معها باتفاقات سياسية واقتصادية وثقافية. وتحرص السعودية على أن يكون الاستثمار المتبادل بندا مهما في الاتفاقات الاستراتيجية مع الدول الصناعية المتقدمة لأن في ذلك نقلا للمعرفة والتقنية وتشغيل وتدريب الأيدي في كلا البلدين. وبهذا نتوقع أن تكون بلادنا ورشة عمل وإنتاج خلال سنوات "رؤية 2030" التي بدأت ثمارها تتضح مع وضوح "الرؤية". عند الحديث مع الدول الأخرى التي تعودت في الماضي على أن تأخذ فقط وجاء الوقت لتعطي بقدر ما تأخذ لتوجد التوازن المطلوب في العلاقات المستمرة والاستراتيجية.
وأخيرا: وجود بلادنا في مجموعة العشرين فتح لها أبواب التعامل المتكافئ مع الدول الكبرى التي أصبحت أيضا تعد إحداها مكانة وإمكانيات وتأثيرا وقوة في مختلف المجالات ويشهد بذلك الأعداء قبل الأصدقاء. وستكون رئاسة بلادنا لهذه المجموعة وانعقاد مؤتمرها المقبل 2020 في الرياض، شهادة إنجاز لخطوات اتخذتها بلادنا بكفاءة لتصل إلى العالم الأول، وتحتل المركز الرابع بين دول المجموعة حسب الترتيب الاقتصادي متقدمة بذلك على عدد من الدول المهمة التي سبقتها في عضوية المجموعة.

إنشرها