Author

السعودية محور الاقتصاد العالمي

|


تمثل المملكة محورا رئيسا في الاقتصاد العالمي. وهذا ليس جديدا، ويعود إلى مراحل سابقة مختلفة. لكن في المرحلة الراهنة، وتحديدا في أعقاب طرح وتنفيذ الاستراتيجية الشاملة التي تستهدف كل القطاعات والمجالات في السعودية، تعمقت محورية المملكة أكثر. ففي السنوات القليلة الماضية، أكدت دول مجموعة العشرين في كل مناسبة، أن السعودية تتصدر قائمة البلدان الأكثر إيفاء بالتزاماتها، سواء المحلية أو الخارجية، وأنها تشكل أساسا متينا لـ"المجموعة"، كما أنها رفعت من زخم حضورها الإيجابي المميز على الساحة الدولية. يضاف إلى ذلك، أن القيادة في البلاد لا تقبل بالحلول الوسط على صعيد تنفيذ المشاريع المختلفة، وفي مقدمتها "رؤية المملكة 2030"، التي تمثل المحور الرئيس للعملية الاستراتيجية برمتها. والقيادة تستهدف في الواقع البناء من أجل الحاضر والمستقبل.
على هذا الأساس، تمثل السعودية رقما صعبا، بل إنها محور عالمي يسهم مباشرة في صنع القرار الدولي، مستندة في ذلك على عدة معايير، في مقدمتها السياسة الحكيمة والمنطقية التي تنتهجها حيال كل القضايا التي تعالجها أو تلك التي تظهر جراء تفاعلات وتطورات، والسمعة التي تتمتع بها عالميا من خلال علاقاتها القوية مع دول صنع القرار العالمي، فضلا عن مستواها الائتماني على الصعيد الاقتصادي الذي ظلت محافظة عليه، حتى بعد انهيار أسعار النفط. يضاف إلى ذلك، أن المملكة تستند إلى دور تاريخي واقعي على الصعيد الإقليمي، وهذا يرفد قوتها ومكانتها بمزيد من الأدوات والعلاقات. العوامل كثيرة في هذا المجال، لكن يمكننا القول، إنه لولا السياسة الثابتة والواضحة للسعودية، لكانت الأمور مختلفة.
على الصعيد النفطي - مثلا - السعودية ليست أكبر بلد مصدر لهذه السلعة الاستراتيجية الحيوية فقط، بل ترسم معالم السوق النفطية وفق الأسس التي توفر الاستقرار والنمو للاقتصاد العالمي، وفي الوقت نفسه تحقق العدالة لكلا الطرفين: المستهلك والمنتج. والمملكة لا تزال ضامنة لاتفاق خفض الإنتاج للحفاظ على الأسعار، وضمان انسياب الإمدادات بالصورة التي يحتاج إليها الحراك العالمي، ومواقفها ثابتة ضد بعض الحكومات المارقة التي كانت تسعى إلى تخريب هذا الاتفاق وغيره من الاتفاقات التي تختص بالنفط. يضاف إلى ذلك، أن العالم ينظر إلى المملكة بلدا مطمئنا على هذا الصعيد، بصرف النظر عن أي اعتبارات عالمية. لذلك، فإن الاقتصاد العالمي الذي يواجه مشكلات متعددة بسبب الحرب التجارية الراهنة على وجه الخصوص، يجد دعما على الصعيد النفطي بالصورة التي يحتاج إليها بالفعل.
كل هذه الحقائق، تضاف إليها النجاحات التي تتحقق على الساحة الداخلية في مجال مسيرة عملية تنفيذ "رؤية المملكة 2030"، فهذه الأخيرة تبني اقتصادا جديدا يلائم مستقبل البلاد، كما أنه يتناغم مع قدراتها وقوتها وإمكاناتها ومقدّراتها. وهي - أي "الرؤية" - لها جوانبها العالمية أيضا، من خلال فتح الاستثمارات، وتوسيع نطاق الأعمال المصرفية على ساحتها، ودعم الخدمات المختلفة، وإقامة الشراكات الاستراتيجية، وغير ذلك. ولهذا السبب، تتدافع الجهات العالمية ليكون لها دور في عملية التنمية والبناء الجارية حاليا على أرض المملكة. لكن الأهم من هذا وذاك، ما تتمتع به السعودية من مكانة وسمعة عالمية، ووزن دولي يحظى بقوة متواصلة تلقائيا.

إنشرها