Author

السعودية قوة اقتصادية فاعلة في مجموعة العشرين

|


تأتي المشاركة السعودية التي يمثلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قمة مجموعة العشرين في اليابان علامة بارزة في تاريخ هذه القمة منذ انعقادها الأول عام 1999، كون السعودية ستتسلم رئاسة القمة المقبلة من اليابان، وهذا الوضع يعطي السعودية زخما سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا وأهمية لدورها الذي تضطلع به عالميا وإقليميا وعربيا وإسلاميا. كما أن هذه المشاركة بالذات للمرة الثالثة، تؤكد مكانة ولي العهد سياسيا بين قادة العالم البارزين. ومن المؤكد أن يلتقي ولي العهد بعديد من هؤلاء القادة للمشاورة ومناقشة الأوضاع التي تهم الساحة العالمية، السياسية والاقتصادية، والقضايا الملحة التي تعد موضوعات ساخنة يهتم بها المجتمع الدولي، من استقرار ومكافحة الإرهاب بأشكاله وألوانه كافة.
ومن اللافت أن هذه القمة تأتي في ظل ظروف اقتصادية عالمية معقدة، واحتمالات عالية بتباطؤ الاقتصاد العالمي، نظرا إلى تراجع الثقة بين الدول الكبرى، نتيجة خلافات واسعة حول مفهوم حرية التجارة العالمية. ليس هذا فحسب، بل هناك خلافات سياسية عميقة وإن حاولت الأطراف كافة تجاوزها من أجل الوصول إلى بيان مقنع للشعوب، فالخلاف بين ألمانيا والولايات المتحدة قائم بسبب خطابات ترمب القوية التي وصفها بأنها "شريك مقصر"، حيث يرى أنها لا تشارك بشكل كاف في موازنة الحلف الأطلسي. في الجانب الآخر، لم تزل الأجواء السياسية غير صافية بين لندن وموسكو بسبب قضية تسمم الجاسوس، والحرب والصراعات التجارية بين أمريكا والصين ما زالت مستمرة. ويبقى السؤال قائما – نظرا إلى هذه الخلافات كلها - حول قدرة هؤلاء القادة على تجاوز اللحظة الراهنة بكل تعقيداتها وخلفياتها الانتخابية والحزبية للخروج بقرارات تهم الشعوب وتدفع الاقتصاد العالمي إلى النمو مجددا وتمس قضايا مهمة جدا اليوم، كالإرهاب الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وما نتج منه من تهديد للسفن وحركة الملاحة في الخليج العربي وبحر العرب، الأمر الذي ينذر بكثير من الضغوط على الاقتصاد العالمي، وقد يقود إلى الحرب، ما يهدد إمدادات الطاقة.
وهنا، لا بد من الحديث عن الدور السعودي، نظرا إلى مكانة المملكة السياسية وقوتها الاقتصادية، حيث تعد محركا أساسيا في إعادة التوازن إلى الأسواق النفطية والحفاظ على إمداداتها وإنتاجها ومسارات آمنة لها، وتوفير إمدادات نفطية كافية، رغم المحاولات الفاشلة التي تقوم بها إيران التي تسعى دائما إلى زعزعة الأوضاع في المنطقة بممارستها وتصرفاتها غير المسؤولة.
ومن المؤكد اليوم، أن تعود المملكة بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي يرأس الوفد السعودي في قمة العشرين في اليابان، إلى ممارسة الدور القيادي العالمي نفسه، فالجميع يترقب من المملكة أن تقدم حلولا أساسية، وهي التي تتمتع بشكل عام، والأمير محمد بن سلمان بشكل خاص، بالثقة من جميع الأطراف، فولي العهد أثبت التزاما كبيرا نحو جميع القضايا التي تتم مناقشتها في القمم العالمية، كما أن اقتصاد المملكة ومنذ تولي الأمير محمد قيادته، ظل يحقق نموا واضحا، متجاوزا كل العقبات، ويسهم في إيجاد توازن بين المنتجين والمستهلكين لتحقيق نمو وسلامة الإمدادات. وإذا كانت الأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين مردها إلى أزمة مفهوم وثقة بين منتجين حول الأسواق، وحول النوايا السياسية التي تقف خلف التقدم التكنولوجي، فإن عملا جادا لحوكمة العلاقات الاقتصادية في تلك الأسواق؛ سيسهم في تجاوز الأزمة. لذا، فإنه من المتوقع أن يكون للآراء السعودية وتجاربها أثر بارز في البيان الختامي للقمة بهذا الشأن.
هذا الدور الذي تضطلع به السعودية، يأتي مما تم طرحه من خطط اقتصادية ناجحة من خلال "رؤية 2030" التي تعمل على تطوير المفاهيم الاقتصادية وتشجيع التجارة والابتكار بما يتماشى مع توجهات مجموعة العشرين، إضافة إلى ما حققته المملكة من مؤشرات إيجابية في خططها الاقتصادية، التي كان لها الأثر في تقدمها في تصنيف دول مجموعة العشرين من الجوانب المتعلقة بالتطور الاقتصادي كافة، نظرا إلى أنها تعمل وفق ما طرحته هذه الدول من أفكار للمحافظة على نمو الاقتصاد العالمي وعدم تعرضه إلى هزات كبيرة.
ولأن السعودية، تقف نيابة عن العالم في مواجهة الإرهاب الإيراني؛ استطاع ولي العهد السعودي خلال جولته التاريخية في الولايات المتحدة وأوروبا، كشف الصورة الحقيقية للسياسية الإيرانية ونواياها، ونتج من ذلك موقف عالمي موحد ضدها وضد طموحاتها، إلا أن الوقوف أمام التهديدات الصريحة على سير الملاحة العالمية ومحاولات جر العالم إلى حرب واسعة، يعد من أهم القضايا التي توجب على المجتمعين، نهاية هذا الأسبوع في مدينة أوساكا اليابانية، أن يتبنوا الموقف السعودي ويتخذوا قرارات حازمة ضد إيران وميليشياتها، وذلك تماشيا مع ما اتخذه العالم الإسلامي من قرارات وإدانة واسعة.
ومن هنا نؤكد، أنه إذا كان العالم، ممثلا في هذه الدول العشرين المسؤولة عن 85 في المائة من الناتج الإجمالي للاقتصاد العالمي، يرغب في معالجة قضايا الفقر والمناخ، ومشكلات عدم المساواة من خلال دعم نمو الاقتصاد العالمي، ودعم التجارة الحرة، وتخفيف التوتر، فإن مشاركة ولي العهد السعودي تمثل حجر الأساس لتحقيق ذلك، وهذا ما أكدته التجارب والحوارات العالمية السابقة.

إنشرها