Author

معاقبة رأس الإرهاب .. استراتيجية جديدة

|

العقوبات الأمريكية الجديدة على النظام الإيراني، تأتي في سياق استراتيجية واشنطن المعلنة، الهادفة إلى خنق هذا النظام الإرهابي ماليا. فالولايات المتحدة أدركت تماما مدى الأضرار التي تلحق بنظام الملالي جراء العقوبات بأنواعها، وأنها - أي العقوبات - قللت بالفعل من قدرات خامنئي وأتباعه على صناعة الإرهاب والخراب. وفي الفترة الماضية، اعترفت كل العصابات والمنظمات التي تمولها إيران بأزمات مالية خانقة، إلى درجة أن أقدم «حزب الله» الإرهابي اللبناني على خفض رواتب ميليشياته، بل أعلن الخونة الحوثيون حملات تبرعات لهذا الحزب على الأرض اليمنية التي يستهدفونها، ويعملون ضد شعبهم وأهاليهم وأمتهم. كما تراجع الدعم المالي لأنظمة مارقة يمولها خامنئي مثل نظام بشار الأسد وغيره.
والعقوبات الأمريكية المتدرجة والمتنوعة نالت من كل شيء تقريبا، إلى أن وصلت مباشرة إلى رئيس نظام الإرهاب علي خامنئي، وعدد من المسؤولين فيه، بمن فيهم جواد ظريف وزير الخارجية. والحق أن مثل هذه العقوبات تأخرت بعض الشيء. لماذا؟ لأن كل المعلومات التي جمعتها الحكومات الغربية وغيرها، أظهرت بوضوح أن خامنئي يسيطر فعليا على أكثر من نصف حراك الاقتصاد الإيراني، ويتصرف مباشرة في أكثر من 90 مليار دولار، عبر مؤسسات وشركات وهمية، وأفراد من جنسيات متعددة، بمن فيهم أشخاص يحملون الجنسيات الغربية نفسها. والحكومة الإيرانية أثبتت في أكثر من مسألة أنها لا تملك صنع القرار الاقتصادي المحلي، بسبب فقدانها السيطرة على مداخيل محورية تساعدها في الحالات الطبيعية على القيام بمهامها تجاه الشعب نفسه.
بعد تأجيل الضربة الأمريكية التي كانت مزمعة على نظام علي خامنئي، وجد البيت الأبيض ضرورة حتمية في مواصلة استراتيجية العقوبات، دون أن يبعد خيار الضربة العسكرية أو حتى المواجهة. فلا يزال يعطى هذا النظام الفرص من أجل وقف إرهابه وعدوانه، ولا سيما في الفترة الأخيرة حين استهدف الملاحة التجارية المدنية في الخليج العربي. لكن من الواضح أن مثل هذا النظام لا يفهم إلا بالعصا، خصوصا أنه لم يكترث لمعاناة شعبه من العقوبات نفسها. ففي إيران بلغ التدهور الاقتصادي مستوى مخيفا، وسقط من حافة الهاوية إلى الهاوية نفسها. ولن يتوقف هذا السقوط عند حدود معينة. فالولايات المتحدة ماضية قدما في استراتيجية العقوبات الناجعة حقا. دون أن ننسى، فشل المحاولات الأوروبية البائسة في نجدة خامنئي ونظامه ماليا.
على إيران أن تعرف بأنها تواجه الآن المجتمع الدولي كله، وأن هذا المجتمع لن يترك لمجموعة من قطاع الطرق مواصلة تخريبهم، ليس فقط في المنطقة والساحة الدولية، بل ضمن النطاق المحلي الإيراني نفسه. فالعقوبات لا تستهدف الشعب الإيراني أصلا، بل يرى المسؤولون الأمريكيون أنها تصب في مصلحته على الأمد البعيد، على أمل أن تتغير سلوكيات نظام يحكمهم بالحديد والنار، ويمارس عليهم ظلمه أولا. والعقوبات الجديدة التي شملت رأس الإرهاب "خامنئي"، ستعطي ثمارها بصورة سريعة، لأن هذا الأخير يسيطر تماما على المشهد الاقتصادي، كما أنه يشرف مباشرة على تنفيذ استراتيجية الإرهاب إقليميا ودوليا. يضاف إلى ذلك، أن العمل العسكري ضد هذا النظام سيبقى حاضرا وسينفذ في الوقت المناسب. إن قرار وقف إرهاب إيران ليس أمريكيا فحسب، بل هو قرار عالمي، من أجل مصلحة الإيرانيين والمجتمع الدولي على حد سواء.

إنشرها