Author

«فرجت»

|

تعيش المجتمعات حالة من التباعد المؤدي إلى فقدان كثير من المزايا، التي استفاد منها الأولون. لعل الحديث الذي نسمعه من كبار السن حول تقارب المستويات الاقتصادية للأسر في الماضي يتيح لنا تذكر هذه الميزة، ونحن نفكر في الاختلاف الكبير في المستويات الاقتصادية في المجتمعات اليوم.
هذا التباعد المادي تعبير مؤكد عن التباعد العاطفي، الذي يحرم كثيرا من الجيران والأقارب فرصة التعرف على بعضهم، وفتح آفاق لعلاقات منطقية يكون فيها التعاون والتفاعل المشترك حقيقيا. صحيح أن وسائل كسب العيش انفتحت بشكل هائل مع انتشار التعليم، وهو ما أدى - بالتبعية - إلى تغيير حالات معينة إلى أضدادها بالكسب العلمي المؤدي إلى الكسب المادي - للأغلبية.
قدمت بهذا لأذكر أن المجتمعات اليوم فيها من الخيرية كثير، وينقصها - في الواقع - التفاعل، الذي ينتجه التقارب والاتصال اليومي لحل ما يواجه المكونات المجتمعية من صعوبات. أنتج هذا الأمر حالات من التعفف الذي يمكن أن ينقلب إلى ضده عند الشعور بأن المركز المالي للشخص أو الأسرة هو الحاكم في علاقاتهم مع من حولهم.
ينقلب التعفف هنا إلى حالة من طلب الأموال بكل الوسائل المتاحة للصرف والظهور بمظهر يحفظ للأسر والأشخاص بعضا من الاحترام في المجتمع. تبع ذلك انطلاق البنوك لتقديم القروض لكل من يريد، وهو ما زاد الأمر صعوبة ووضع كثيرين في السجون بسبب التعاملات المالية، التي تمت في محاولات الظهور بمظهر أو الابتعاد عن شكل معين وسمعة غير مريحة.
زادت أعداد السجناء في الحقوق الخاصة، ومعها تاهت أموال المتبرعين بسبب عدم معرفتهم بالمحتاج أو وجود علاقة بين طرفي الجدة الاقتصادية في البلد، رغم أن المحتاج قد يكون أقرب بكثير مما نتوقع، إلا أنه لا يبدو كذلك في حالات كثيرة.
جاءت مبادرة "فرجت"، التي دشنها وزير الداخلية، لتجمع بين سجناء الحقوق المالية والراغبين في التبرع، حيث يتمكن المتبرع من اختيار من يرغب في تقديم العون له من خلال هذه الطريقة، التي تحقق رغبة المتبرع وتحل الصعوبة التي يعانيها المستقبل. أهم ما في هذه المبادرة، أنها من جهة رسمية وتتعامل مع حالات حقيقية وتضمن وصول المبالغ إلى مستحقيها، وتفك أسر المأسورين، وهذا من أهداف التقارب والتفاعل الرمضاني، الذي ظهرت فيه المبادرة.

إنشرها