أخبار اقتصادية- عالمية

"بيتكوين" ترتفع 200 % خلال 6 أشهر بفعل حمى المضاربات وقلة المعروض

"بيتكوين" ترتفع 200 % خلال 6 أشهر بفعل حمى المضاربات وقلة المعروض

يمكن القول بكل ثقة إن الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، من أفضل شهور سيدة العملات الافتراضية "بيتكوين"، فمنذ بداية عام 2019 وحتى الآن ارتفعت أسعار "بيتكوين" بنحو 200 في المائة.
انفجار سعري حظي بكل ترحيب من المضاربين وأنصار العملات الافتراضية، إلا أن تلك الزيادة السعرية تواكبت مع عديد من الأسئلة، كان في مقدمتها بطبيعة الحال البحث عن أسباب الارتفاع، وهل يحتمل أن تشهد الزيادة ارتدادا للخلف بحيث تنخفض الأسعار في الأجل المنظور.
وقفزت عملة بيتكوين لأعلى مستوياتها في 18 شهرا أمس بفعل تدفقات الاستثمار على الملاذ الآمن وتنامي التوقعات بأن عملة ليبرا التابعة لـ"فيسبوك" قد تحدث تحولا كبيرا في استثمارات العملة المشفرة.
ونقلت "رويترز" عن مايكل هيوسون رئيس استراتيجيات السوق لدى سي.إم.سي ماركتس قوله: "من الواضح أنها تستفيد من نوع ما من التدفقات التي يستفيد منها الذهب أيضا".
وأضاف: "لديك كل هذه الأمور الجارية بشأن ليبرا، ما يجدد الاهتمام بعملة بيتكوين".
وجرى تداول بتكوين في أحدث تعاملات عند 12 ألفا و485 دولارا بعد أن وصلت إلى 12 ألفا و935 دولارا في وقت سابق خلال الجلسة الآسيوية..
وتتباين قراءة الخبراء حول الدوافع التي أدت إلى زيادة أسعار "بيتكوين"، فكثير منهم يعتقدون أن العامل الرئيس يكمن في إقبال كثير من المضاربين والمستثمرين وصناديق التحوط على اقتناء هذه العملة الافتراضية، كنوع من الأمان المالي في ظل التوقعات المتشائمة حول مصير الاقتصاد العالمي، والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
لكن البعض يصيغ نظرية أخرى متكاملة تشير إلى أن الارتفاع هو المنحنى المستقبلي الذي ستسير عليه العملة المشفرة، وأنه يصعب ارتدادها للوراء مرة أخرى.
أليكس مور كبير المحللين الماليين في بورصة لندن يعتقد أن هذا الارتفاع الراهن يبدو أكثر استدامة، مبررا ذلك في ضوء التطورات الخاصة بـ"بيتكوين".
وحول المقصود بالتطورات الخاصة بـ"بيتكوين" يقول لـ "الاقتصادية"، إن "علينا معرفة طريقة عمل تقنية "بيتكوين" الأساسية والمعروفة بالبلوك تشين. فالمنقبون وهم الأشخاص الذين ينتجون "بيتكوين" يعتمدون على أجهزة كومبيوتر متطورة للغاية تتنافس في حل معضلات رياضية معقدة للتحقق من صحة معاملات "بيتكوين"، وكل منقب يفلح في حل تلك المعضلات الرياضية يمنح كمية من "بيتكوين"، والمكافأة التي يحصل عليها المنقب تقدر بنحو 12.5 وحدة "بيتكوين"، إلا أنه يتم تخفيضها إلى النصف كل بضع سنوات، وبحلول أيار (مايو) 2020 سيتم تخفيض تلك المكافأة لكل منقب إلى النصف لتصل إلى 6.25 وحدة "بيتكوين" جديدة، فإذا أخذنا في الاعتبار أن إجمالي عدد عملات الـ"بيتكوين" التي سيتم سكها لن يتجاوز 21 مليون وحدة، وأن 80 في المائة من تلك العملات استخرجت بالفعل، وهذا يعني أن العرض يتراجع، ما يجعل "بيتكوين" تصل الآن إلى أعلى مستوى سعري لها في 15 شهرا".
ومع تجاوز سعر "بيتكوين" حاجز الـ 11 ألف دولار، فإن ذلك يوجد صورة وردية لدى كثير من المستثمرين والمضاربين تجاه المستقبل، وقد أدى إلى إقبال شديد عليها، إلا أن الأسعار لم تصل بعد إلى الرقم القياسي المسجل أواخر عام 2017، عندما وصلت إلى حدود العشرين ألف دولار للعملة الواحدة.
ويقدر خبراء الطلب حاليا على الـ"بيتكوين" بثلاثة أضعاف العرض، ويدفع ذلك بعضهم إلى توقع قفزات كبيرة في الأسعار خلال الفترة القصيرة المقبلة، بحيث يمكن أن تتجاوز الأسعار حاجز الـ 16 ألف دولار قبل حلول تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
ويبدو البعض أكثر تفاؤلا بكثير، فهذا جراهام جلبريت أستاذ النقود والبنوك في جامعة جلاسكو، وهو واحد من أبرز الاقتصاديين البريطانيين المدافعين عن العملات الافتراضية يقول لـ "الاقتصادية"، إن "قيمة بيتكوين ستبلغ في الغالب بنهاية العام الجاري 21 ألف دولار للعملة الواحدة، لكن الأهم أنها بمجرد كسر حاجز الـ 50 ألف دولار فإن المحطة التالية لها ستكون 100 ألف دولار لكل وحدة"، ويبرر جلبريت ذلك، بأنه" بمجرد بلوغ سعر 50 ألف دولار ستتحول العملة الرقمية في نظر المضاربين إلى ملاذ آمن للقيمة مثل الذهب".
لكن خصوم العملات الافتراضية يذكرون مناصريها بأن عام 2017 شهد ارتفاعا حادا في قيمة "بيتكوين"، لكن سريعا ما انهارت قيمتها خلال الأشهر الأولى من عام 2018، وواصلت الانهيار طوال العام الماضي، ولم تتحسن إلا مع حلول عام 2019، إلا أن المضاربين والمستثمرين في مجال العملات الافتراضية يتحلون حاليا بثقة منبعها تغير ما يصفونه بالسلوك العام في السوق.
ويصف لـ "الاقتصادية"، صامويل تيلر أحد المضاربين على عملة بيتكوين الوضع الراهن بأن هناك فارقا بين الزيادة السعرية الراهنة، والقفزات الضخمة التي حدثت قبل عامين أو عام ونصف العام تقريبا بالنسبة لـ"بيتكوين"، فبيانات مؤشر "جوجل" تكشف أن عمليات البحث عن عملة بيتكوين وكيفية الحصول عليها، كانت في عام 2017 أعلى بكثير مما هي عليه الآن، وهذا يعني أن السوق باتت أكثر رشادة ونضجا مقارنة بالماضي، وأن الزيادات السعرية عام 2017 كانت نتيجة طلب مفاجئ من قبل عديد من المضاربين وصغار المستثمرين، يحركهم في ذلك الضجة الإعلامية في ذلك الوقت حول تلك العملة، لكن الوضع الآن يبدو مختلفا، فالمشترون تعلموا الدرس، ولم يعودوا متسرعين في الشراء، وهذا يدل على أن السوق ككل باتت أكثر حكمة واتزانا في سلوكه، وهذا يصب في مصلحة المستثمرين في نهاية المطاف".
جزء من هذا التطور يعود إلى اهتمام بعض أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" بالعملات المشفرة، واعتزامه إصدار عملة افتراضية خاصة، ولا شك أن هذا التطور كان بمنزلة تصويت بالثقة على "بيتكوين" والعملات المشفرة بشكل عام وتقنية البلوك تشين.
ويفتح الارتفاع الحالي في أسعار "بيتكوين" الباب واسعا أمام تنافس شديد بين العملة الافتراضية ومعدن الذهب، واحتدم الجدل والنقاش بين أنصار المعدن الأصفر والمدافعين عن العملات الافتراضية حول أيهما أجدى للمستثمرين، وأيهما سيخرج منتصرا في تلك المعركة.
ربما أحد الجوانب التي دفعت إلى تنامي المنافسة بين "بيتكوين" والذهب يعود إلى التحسن المستمر في أسعارهما منذ بداية العام الحالي، وتحولهما إلى عنصر جذب للاستثمارات، خاصة في ظل الشكوك المحيطة بسوق الأسهم، وتخوف كبار المستثمرين من احتمال أن تضرب عاصفة عنيفة البورصات العالمية في أي وقت، خاصة مع غياب أي أفق للحل بشأن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
ويقول لـ "الاقتصادية"، توماس كارليل الخبير الاستثماري، إنه على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب بنحو 6 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، فإن تلك الزيادة لا تقارن بارتفاع أسعار "بيتكوين"، وهو ما يصب تلقائيا في مصلحة الاستثمار في العملة الافتراضية، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار مجموعة من العوامل الأخرى التي تدفع إلى التريث للاستثمار في "بيتكوين" بدلا من الذهب، فالعملات الافتراضية لم تثبت مكانتها في الأسواق بعد باعتبارها ملاذا للقيمة، وتلك الصفة في حد ذاتها تجعل كثيرا من صغار المستثمرين تحديدا يتمسكون باستثماراتهم في الذهب، حتى وإن كانت أقل ربحية لهم".
ويضيف كارليل، أن "الذهب وعلى الرغم من الإدراك الطبيعي بأن قيمته قد تتراجع، فإنه يحظى بقبول وجاذبية عند مختلف الطبقات الاجتماعية، ومن ثم حتى في لحظات الانهيار السعري فإن مالكيه يواصلون الاحتفاظ به، تحدوهم قناعة بأن أسعاره سترتفع حتما في وقت آخر، مثل تلك القناعات لا تتوافر لدى العملات الافتراضية على نطاق واسع، وهو ما يكسب الذهب جاذبية استثمارية أكبر من جاذبية العملات الافتراضية، أما بالنسبة لكبار المستثمرين فإنهم يفضلون دائما توليفة مختلفة من الأصول في محافظهم الاستثمارية تحسبا لأي ظروف طارئة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية