Author

الرياض وسيئول .. أهمية ثنائية وعالمية

|

زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لكوريا، تحمل كثيرا من الدلالات، والأهم أنها انطلاقة جديدة أخرى لعلاقات بين دولتين محوريتين على الساحتين الإقليمية والعالمية، ناهيك عن وجود كل من المملكة وكوريا ضمن "مجموعة العشرين"، التي اتخذت زمام المبادرة العالمية في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية. وهذه الزيارة التاريخية لولي العهد لكوريا، وتتسم - كغيرها من الزيارات المشابهة - بعوائدها المسبقة. وهي تأتي في عز "الورشة" الاستراتيجية التي تجرى في السعودية وفق أسس ومعايير "رؤية المملكة 2030". ففي المملكة اقتصاد جديد يبنى وفق ما تحتاج إليه البلاد حاضرا ومستقبلا، واستنادا إلى ما تستحقه المملكة - حقا - بكيانها وشعبها، وانطلاقا من تطورات ومتغيرات تستوجب استكمال هذا البناء.
والزيارة تأتي قبل مشاركة الأمير محمد بن سلمان في قمة "مجموعة العشرين"، التي تعقد في اليابان يومي الجمعة والسبت المقبلين، ما يعزز متانة العلاقات بين بلدين يشاركان في صناعة القرار العالمي. دون أن ننسى، أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة حرجة، بصرف النظر عن خروجه فعلا من تبعات الأزمة العالمية التي انفجرت في عام 2008، وأن مسؤولية الدول الكبرى في تلطيف الأجواء من أجل ضمان نمو عالمي مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى، ومن جهة حل المشكلات التجارية العالقة بأقل قدر من الأضرار، وأن تدعم المشاريع التي أطلقتها "مجموعة العشرين"، وكلها تصب في المصلحة الدولية. مع ضرورة التأكيد، أن دول "المجموعة" أكدت في غير مناسبة أن السعودية أكثر التزاما بتعهداتها.
العلاقات الثنائية بين الرياض وسيئول شهدت تطورات "بل قفزات" عديدة في الفترة الماضية، خصوصا أن "رؤية المملكة" فتحت آفاقا واسعة أمامها، تماما كما فتحتها أمام العلاقات مع بقية الدول المؤثرة اقتصاديا على الساحة الدولية. فالمشاريع المشتركة موجودة، وحضور الشركات الكورية على الساحة السعودية يتزايد، والحراك الاقتصادي للمملكة في كوريا يتصاعد أيضا. وفي الآونة الأخيرة، أبدت مؤسسات كورية مختلفة رغبتها في الحصول على حصة في "ورشة" البناء الاقتصادي المشار إليها، تماما مثلما تفعل المؤسسات الأخرى في الدول المتقدمة. ولذلك، فإن زيارة الأمير محمد بن سلمان لسيئول ستدعم تلقائيا ما هو موجود على الأرض، وستمنح المبادرات والمشاريع الجديدة دفعة قوية، خصوصا أن ولي العهد يشرف شخصيا على مسيرة تنفيذ "رؤية المملكة 2030".
الآفاق واسعة للتفاهم والاتفاق بين الطرفين، فهناك سلسلة من المشاريع التي تختص بالطاقة والخدمات العامة، سيتم التوقيع عليها خلال هذه الزيارة، مع ضرورة الإشارة إلى أن كوريا تتصدر قائمة أكبر مستوردي النفط السعودي. ففي الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، استوردت سيئول أكثر من 100 مليون برميل من نفط السعودية. وهنا يظهر بصورة قوية حرص الحكومة الكورية على مشروع الطاقة النووية السعودي، وهو مشروع يستقطب عشرات الشركات العالمية. وهناك أيضا مجالات تجارية وتصنيعية مختلفة، ستكون في صلب الاجتماعات واللقاءات خلال زيارة ولي العهد كوريا، يضاف إلى ذلك قطاعات الخدمات المختلفة والنقل، وغيرها. إنها زيارة تأتي في الوقت المناسب لكلا الطرفين، وتدعم في الوقت نفسه متانة العلاقات بينهما، في وقت ينظر فيه العالم أجمع إلى "مجموعة العشرين" التي يتشاركان فيها بصفتهما كيانا ضامنا للاقتصاد العالمي.

إنشرها