Author

«مجموعة العشرين» ومسؤوليتها الاقتصادية

|


القضايا التي ستطرحها قمة "مجموعة العشرين" المقبلة في اليابان كثيرة، وهي محورية حقا، ولا سيما في ظل التطورات المتلاحقة على مختلف الأصعدة. وهذه "المجموعة" ــ كما هو معروف ــ اتخذت زمام المبادرة الدولية في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، تلك الأزمة التي جلبت بالفعل حقائق جديدة على الأرض. و"المجموعة" التي تسيطر دولها على ما لا يقل عن 85 في المائة من الاقتصاد العالمي، تتحرك من أجل حل المشكلات الطارئة، إلى جانب تلك الموجودة حقا، خصوصا في الفترة الأخيرة التي شهدت ولا تزال خلافات أدت إلى معارك تجارية. البعض يطلق عليها حربا. إلى جانب جمود النمو العالمي، وانعكاسات بعض الاضطرابات الإقليمية هنا وهناك على المسار الاقتصاد العالمي. فالوضع الاقتصادي على الساحة الدولية ليس مستقرا.
القضايا كثيرة تلك التي سيناقشها قادة "مجموعة العشرين"، من الاقتصاد العالمي بالطبع، إلى التجارة والاستثمار، والابتكارات، والبيئة والطاقة، والأيدي العاملة، والتوظيف وتمكين المرأة، والتنمية المستدامة، وقطاع الصحة وعلاقته بالاقتصاد. كلها مسائل محورية، بعضها يواجه كثيرا من المشكلات والعقبات، وبعضها الآخر حقق بعض التقدم هنا أو هناك. ومن القضايا التي تتساوى في الأهمية مع مشكلات الاقتصاد العالمي ككل، ما أصبح يعرف بـ"رقمنة الاقتصاد". وهذه النقطة باتت مهمة منذ سنوات، مع ارتفاع عدد الدول التي لا تزال بعيدة عن هذا الميدان. فـ"الرقمنة" تدعم تلقائيا التنمية بصرف النظر عن وضعية البلد الاقتصادية، كما أنها تضمن عدالة توفرها الشفافية في أدوات هذه "الرقمنة". ببساطة إنها تحل مسائل عديدة دون الحاجة إلى فترات طويلة لحلها.
وبالطبع يتصدر وضع المرأة وتمكينها المشهد العالمي. و"مجموعة العشرين" أولت اهتماما متعاظما لهذه القضية. وعلى الرغم من أنها شهدت تقدما ملموسا في السنوات الماضية في مختلف البلدان، إلا أنها لا تزال موضوعا مطروحا حتى في الدول المتقدمة. فحتى الآن مثلا، يتحدثون في هذه الدول عن غياب العدالة الكاملة في مسألة مستويات الرواتب بين الرجال العاملين والنساء العاملات في المواقع نفسها. ولكن في النهاية لا تبدو هذه القضية مستعصية، خصوصا مع التزام الحكومات كلها دون استثناء بحل كل العوائق التي تقف أمامها. تبقى التنمية المستدامة الموضوع الأهم على المديين المتوسط والبعيد. وهي مسألة تحظى بحضور دائم في قمم واجتماعات "مجموعة العشرين". لكن هناك مشكلة كبيرة تعترضها وهي تعاظم وتيرة المعارك التجارية الراهنة.
يمكن لـ"مجموعة العشرين" التي تقدم حلولا ناجعة لجميع المشكلات المطروحة على الساحة الدولية. ولا شك أن التفاهم بين دولها "بصرف النظر عن الخلافات السياسية بين هذا الطرف أو ذاك" سيمنح العالم مزيدا من التقدم، لكن قبل ذلك مزيدا من الفرص لرفع العقبات من أمام المشاريع التي تحاكي المستقبل. وكلها مشاريع تتعلق بالتنمية المستدامة وتطوير الخدمات، وتلبية الاحتياجات الضرورية، وصناعة الأدوات اللازمة لذلك. فمثلا يمثل تطوير قطاع الصحة محورا رئيسا، لماذا؟ لأنه يرتبط بالاقتصاد مباشرة، سواء عبر الإنفاق عليه، أو من خلال الجهات والمؤسسات الحاضنة له. دون أن ننسى، أن قمة "مجموعة العشرين" ستناقش نقطة مهمة مرتبطة بصورة أو بأخرى بهذا الجانب، وهي الاختلالات العالمية والشيخوخة. إنها مسائل ستظل موجودة على الأجندة العالمية، حتى يتم وضع التصور النهائي لمستقبلها.

إنشرها