Author

سندات باليورو والدولار .. استثمار للمناخ الاقتصادي

|


تمتلك المملكة اقتصادا قويا، كما تتمتع المالية العامة اليوم بموارد منتظمة لا تتأثر بتقلبات الأسواق النفطية، وهو الهدف الذي عملت عليه الحكومة منذ انطلاق برنامج التوازن المالي، أحد أهم برامج "رؤية المملكة 2030"، ولقد أكدت التقارير التي تصدرها وزارة المالية ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 46 في المائة، كما تشير تقارير اقتصادية مختلفة إلى زيادة في التنويع الاقتصادي مع تنامي جميع القطاعات المكونة للاقتصاد، هذا الاستقرار الاقتصادي جاء في وقت تتسم فيه المنطقة العربية بكثير من المشكلات السياسية، كما أن التهديدات المستمرة على الملاحة العالمية في منطقة الخليج العربية تؤثر في الأسواق النفطية مع وجود شبح التباطؤ العالمي، ومع ذلك فقد منحت المؤسسات الائتمانية تصنيفات متقدمة للاقتصاد السعودي، حيث جاء تصنيف A1 من "موديز"، وA+ من "فيتش".
لهذا كله، فإن الاستثمار الأمثل للنجاح الاقتصادي والبيئة الاستثمارية المحفزة أصبح مطلبا ضروريا اليوم، وهذا الاستثمار يأتي من عدة منافذ، أولها السوق المالية، التي أثبتت فاعليتها في استقطاب الأموال الأجنبية، حيث ارتفعت حصص الأجانب في السوق إلى أعلى مستوياتها تاريخيا عند 6.87 في المائة بقيمة 145.2 مليار. ومن المنافذ المهمة أيضا، جذب الشركات العالمية لإنشاء مصانعها في المملكة، وقد أكد عديد من الشركات العالمية أنها بصدد بناء منشآتها في المملكة، ومن المنافذ المهمة أيضا لجذب الأموال والاستثمارات الأجنبية، ما تصدره وزارة المالية من صكوك وسندات، هنا تجد التقارير الاقتصادية تؤكد تحقيق قفزات في هذا المجال، حيث أكدت أن قيمة الاستثمارات الأجنبية في السعودية بنهاية 2018، ارتفعت وفقا لتقديرات أولية، إلى نحو 1.49 تريليون ريال وهي أعلى مستوياتها التاريخية.
من المهم الإشارة هنا إلى أن وجود هذه الأدوات المالية لدى وزارة المالية لجذب الاستثمارات الأجنبية، حقق هذا الاستغلال الأمثل لمكانة وقوة الاقتصاد السعودي، فالمشاريع الضخمة التي تقام على أرجاء الوطن كافة بحاجة إلى سيولة مستدامة، كما أن احتياجات هذه المشاريع وأيضا احتياجات الاستثمارات الأجنبية في المملكة، خاصة تلك التي على شكل أصول طويلة الأجل، تتطلب سيولة قوية لدى مؤسسة النقد وفق قاعدة منوعة من النقد الأجنبي، هنا يمكن للاستثمارات الأجنبية أيضا أن تعمل على توفير هذه السيولة من خلال السندات الدولية. لذا، أكد مكتب إدارة الدين التابع لوزارة المالية، أن المملكة ستظل مصدرا "نشطا" في أسواق السندات الدولارية، وتتطلع إلى جمع رؤوس أموال بعملات أخرى، من بينها اليورو، كما أنها تخطط لإصدار سندات إسلامية "صكوك" بحلول نهاية العام الجاري، وفي هذا المسار يعمل المكتب مع "جولدمان ساكس" و"سوسيتيه جنرال" للمساعدة على ترتيب لقاءات مع مستثمري أدوات الدخل الثابت في أوروبا، ما يمهد الطريق أمام إصدار المملكة أول سندات مقومة باليورو.
من المؤكد أن تحقق هذه الجولات وهذه الإصدارات أكبر من القيمة المطلوب جمعها، ولهذا عدة شواهد، من بينها وأهمها، نجاح الإصدارات السابقة كافة، كما أن النجاح الكبير الذي حققه طرح "أرامكو" للسندات، وهي شركة مملوكة بالكامل للدولة، يؤكد أن الطرق اليوم سالكة لتحقيق قفزات اقتصادية كبرى تحت ظل هذه القيادة الرشيدة للمملكة.

إنشرها