Author

انخفاض البطالة.. الطريق طويل

|
كاتب ومستشار اقتصادي


تعد "رؤية المملكة 2030" بخفض معدل البطالة من 11.6 إلى 7 في المائة، كما تستهدف الرؤية رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 إلى 30 في المائة، إلا أن الواضح أننا نتحدث اليوم عن بطالة أكبر من مستواها حين إعلان الرؤية، حيث ارتفعت البطالة من 11.6 في وقت الإعلان عن «الرؤية» إلى 12.3 و12.7 ثم 12.9 وعادت لتنخفض إلى 12.7 في الربع الأخير من العام الماضي، وتنخفض أكثر إلى 12.5 في المائة للربع الأول من هذا العام. كما ارتفعت – بحسب تقرير الإحصاءات الأخير - نسبة مشاركة السعوديات من 20.2 إلى 20.5 في المائة مقارنة بين الربعين الأخير من 2018 والربع الأول من 2019.
وبالأرقام المطلقة، فقد انخفض عدد الباحثين عن عمل لما دون مليون شخص منذ الربع الثالث مرورا بالربع الأخير من 2018 ووصولا للربع الأول من العام الجاري، حيث بلغ عدد العاطلين 923.5 ألف ثم 970.2 ألف وصولا إلى 945.3 ألف عاطل في الربع الماضي. ويتضح هنا أن النسب المعلنة للعاطلين تتأثر بالعدد المتغير للقوى العاملة، ولكن طالما أنها دون المليون فالأمر جيد رقما لأنه يعني أن البطالة تقل وإن كان بشكل بطيء ومتثاقل جدا.
طبعا، لا نملك عصا موسى ولا طاقية الإخفاء العجيبة لنرميها على البطالة فتختفي، فالطريق طويل وممل ومنهك، وكل رقم عشري يختفي من يمين رقم البطالة يعني أننا بذلنا جهدا اقتصاديا كبيرا، وأما الوصول لرقم 7 في المائة بطالة فهو يعني أن كل شيء في «الرؤية» نفذ كما خطط له بلا تأخير ولا تسويف ولا أخطاء.
ومن هنا حتى عام 2030، فأنا شخصيا لا أعول على توفير وظائف جديدة في السوق لتمتص رقم البطالة، فمهما كانت الوظائف الجديدة إلا أن رقم البطالة، وزيادة الخريجين السنوية، وحجم الشريحة العمرية صغيرة السن، وتقدم التقنية، كلها تحديات أمام أي انخفاض حقيقي ملاحظ لنسب وأرقام البطالة.
ما أعول عليه شخصيا هو القضاء على التستر التجاري وتوطين عدد من قطاعات السوق بنسبة 100 في المائة، والأولى – أي التستر- يسأل عنها ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، فمنذ نحو أربعة أشهر انطلقت حملة مكافحة التستر برئاسته وبمشاركة ثماني جهات حكومية، إلا أن ناتج الحملة فعليا يفترض أن تظهر نتائجها مبدئيا على أرض الواقع إلى الآن، ولم نر أو نلاحظ للحملة حراكا في الشارع ولا الأسواق ولا تقارير مفيدة عن إنجازها إلى اليوم.
أما التوطين الموجه بنسبة 100 في المائة فمع الأسف ألغى أحمد الراجحي وزير العمل قرار توطين 12 نشاطا كان قد حددها سلفه علي الغفيص، وقرار الإلغاء حرمنا مع الأسف من 12 قطاعا كان يجب أن تكون موطنة ومسعودة اليوم ونبحث عن غيرها لتوطينه، ولكن هذا لم يحصل مع الأسف، وأعادنا قرار الوزير إلى البرنامج سيء الذكر "نطاقات" وألوانه الأحمر والأصفر والأخضر التي لم تنفع أيام الطفرة ولن تنفع بالتأكيد وقت الركود.
وفيما يخص النقطة الأخيرة، وبالعودة لبيان الإحصاءات العامة فقد بلغ عدد المشتغلين السعوديين الإجمالي 3.1 مليون فرد بين ذكر وأنثى يمثلون 24.4 في المائة من إجمالي القوى العاملة في البلد في حين بلغ عدد المشتغلين غير السعوديين 9.6 مليون عامل يمثلون 75.6 في المائة من إجمالي القوى العاملة، وهي قسمة ضيزى في كل الحالات والاستثناءات.
ختاما، يتضح حاليا أن الاقتصاد بدأ يعود إلى النشاط التدريجي، وكل ما أخشاه هو أن يزيد عدد غير السعوديين أكثر، فالواضح أن قطاعات البزنس امتصت أثر صدمة الفاتورة المجمعة، والعمالة تجاوزت تذمر وأثر رسوم المرافقين، ولذا يجب أن تتنبه وزارة العمل لوضع السوق في الأيام المقبلة. وأعود لأقول وبكل تأكيد ويقين إنه ما لم تحل مشكلة التستر التجاري وتطلق برامج للتوطين الموجه وتراقب بكثافة فسنظل ندور في حلقة نطاقات الفارغة من أي معنى، التي لن تؤدي إلا لإطالة زمن حل المشكلة، وسلامتكم.

إنشرها